للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن ابن عباس أنه قال: [لما نزلت آية الدين: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أول من جحد آدم عليه السلام، إن الله لما خلق آدم مَسَحَ ظهره، فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه، فرأى فيهم رجلًا يزهر، فقال: أي ربّ، من هذا؟ قال: ابنُك داود. قال: أي رب، كم عمُرُه؟ قال: ستون عامًا، قال: ربّ، زِدْ في عمره. قال: لا، إلا أن أزيده من عمرك. وكان عمرُ آدم ألف سنة، فزاده أربعين عامًا، فكتب عليه بذلك كتابًا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتُضِرَ آدم وأتته الملائكة قال: إنه بقي من عمري أربعون عامًا، فقيل له: إنك قد وهبتها لابنك داود. قال: ما فعلت. فأبرز الله عليه الكتاب، وأشهد عليه الملائكة. وفي رواية: فأتمها الله لداود مئة، وأتمها لآدم ألف سنة] (١).

والحديث مع الآية يدل كل منهما على ضرورة كتابة العقود وتوثيقها، وعلى وجوب الكتابة أثناء قرض الأموال، حفظًا للحقوق وحماية للذرية من الضياع.

أخرج الحاكم بسند صحيح عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ثلاثةٌ يدعونَ الله عز وجل فلا يستجابُ لهم: رجُلٌ كانت تحته امرأة سيئة الخلقُ فلم يطلّقها، ورجل كان له على رجل مالٌ فلم يُشهِدْ عليه، ورجُل آتى سفيهًا مالهُ، وقال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ}] (٢).

وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ}.

يعني: إذا تبايعتم بدين، أو اشتريتم به، أو تعاطيتم أو أخذتم به, {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} يعني: إلى وقت معلوم، فيدخل بذلك القرض والسَّلَم. والآية إرشاد من الله لضرورة الكتابة في المعاملات المالية المؤجلة والديون والقروض وغير ذلك. قال ابن عباس: (أنزلت في السلم إلى أجل معلوم) ذكره ابن جرير.

وروى البخاري عن قتادة، عن أبي حَسّان الأعرج، عن ابن عباس قال: (أشهد أن السَّلَفَ المضمونَ إلى أجل مسمّى أن الله أحَلّهُ وأذن فيه، ثم قرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}].


(١) حديث حسن. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٥١ - ٢٥٢ - ٢٩٩ - ٣٧١)، ورواه أبو يعلى (٢٧١٠)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ٩٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٢/ ٣٠٢)، والديلمي (٢/ ٥٨): وانظر السلسلة الصحيحة (١٨٠٥)، وصحيح الجامع الصغير برقم (٣٠٧٠)، ورواه أبو نعيم والطحاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>