للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بل قد ابتعتُهُ منك. فطفق الناس يلوذون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والأعرابي، وهما يتراجعان، فطفق الأعرابي يقول: هَلُمّ شهيدًا يشهد أني بايعتك، فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقول إلا حقًّا. حتى جاء خزيمةُ فاستمع لمراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومراجعة الأعرابي، فطفق الأعرابي يقول: هَلُمّ شهيدًا يشهد أني بايعتك. قال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيمة فقال: بِم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادة خزيمة بشهادة رجلين] (١).

وقوله: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}.

يعني: لا يُضَرَّ بهما، ولا يضُرّا بكتابة خلاف ما يملي، فالتأويلان محتملان.

قال ابن زيد: (لا يضار كاتب فيكتب غير الذي أملي عليه. قال: والشهيد يضار فيحوِّل شهادته، فيبطل حقهم). وقال عطاء: (لا يضار: أن يؤديا ما عندهما من العلم).

وقال الضحاك: (هو الرجل يدعو الكاتب أو الشاهدَ وهما على حاجة مهمة، فيقولان: إنا على حاجة مهمة فاطلب غيرنا! فيقول: والله لقد أمركما أن تجيبا! فأمره أن يطلب غيرهما ولا يضارهما، يعني: لا يشغلهما عن حاجتهما المهمة وهو يجد غيرهما). واختاره شيخ المفسرين.

وقوله: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ}.

يعني: إن خالفتم ما أمرتم به فقد وقعتم في الفسوق. قال ابن عباس: (والفسوق المعصية). وقال ابن زيد: (الفسوق الكذب. قال: هذا فسوق، لأنه كذب الكاتبُ فحوَّل كتابه فكذَب، وكذَبَ الشاهد فحوّل شهادته، فأخبرهم الله أنه كذب).

وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

أمْرٌ بالتقوى وإخبار بنتائجها من النور والعلم والثواب، وتشمل التقوى الأخذ بأسباب العلم والتَّثَبُّت، ثم الله يبارك سبحانه.


(١) إسناده جيد. أخرجه أحمد (٥/ ٢١٦)، وأبو داود (٣٠٦٧)، والنسائي (٦٢٤٣)، والحاكم (٢/ ١٨)، وله شاهد عند البخاري (٤٧٨٤) يشهد لبعضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>