للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين، وترغيب لأهل الإيمان بالصبر والمصابرة والمرابطة حتى ينزل نصر الله المبين.

أخرج البزار والطبراني بسند جيد عن أنس رضي الله عنه: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على النجاشي حين نُعِيَ. فقيل يا رسول الله: تصلي على عبد حبشي! فأنزل الله عز وجل: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الآية] (١).

فالآية إخبار عن بعض أهل الكتاب أنهم على منهج الإيمان بالله، وما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، قد جمعوا ذلك إلى إيمانهم برسلهم وكتبهم مع الخشية لله، ولا يكتمون ما علموا من كتبهم من نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ووجوب اتباعه، فهؤلاء هم خيرة أهل الكتاب وصفوتهم، ولهم الجزاء الأوفى يوم القيامة. قال مجاهد: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} يعني مسلمة أهل الكتاب).

وفي التنزيل: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} [القصص: ٥٢ - ٥٤].

وفي الصحيحن من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ثلاثة يؤتون أحرهم مرتين. - فذكر منهم: ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه وآمن بي] (٢).

وقوله: {خَاشِعِينَ لِلَّه}. قال ابن زيد: (الخاشح، المتذلل لله الخائف)، وقد نصب قوله {خَاشِعِينَ} على الحال من {يُؤْمِنُ}.

ؤقوله: {لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}: لا يحرفون ما أنزل الله من الحق في نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - ووجوب اتباعه، من أجل حظ الرياسة وعرض الدنيا البخس.

وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.

قال مجاهد: (يعني: سريعَ الإحصاء).


(١) حديث إسناده جيد. رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورجال الطبراني ثقات. انظر: الصحيح المسند من أسباب النزول - الوادعي - سورة آل عمران، آية (١٩٩).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٠١١)، ومسلم (١٥٤)، وأحمد (٤/ ٤٠٢)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>