للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب التي كانت تستهجن ولد الأمَة وتُعيّره وتسميه الهجين (١)، فلما جاء الشرع بجواز نكاحها علموا أن ذلك التهجين لا معنى له، وإنما انحطت الأمة فلم يجز للحرّ التزوّج بها إلا عند الضرورة، لأنها تسبب إلى إرقاق الولد، وأن الأمة لا تَفرُغ للزّوج على الدوام، لأنها مشغولة بخدمة المَوْلى).

وقوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ}.

ذهب الشافعي والأوزاعي إلى أنه إذا نكح العبد بغير إذن سيده فسخ نكاحه. قال ابن كثير: (فدلّ على أن السيد هو وَليُّ أمته لا تُزَوّجُ إلا بإذنه، وكذلك هو ولي عبده، ليس لعبده أن يتزوج إلا بإذنه).

أخرج أبو داود وابن ماجة بسند حسن عن ابن عمر، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أيما عبد تزوَّج بغير إذن مواليه فهو زان] (٢). وفي رواية: (فهو عاهر).

فإن كان من يملك الأمة امرأة لم يجز لها أن تعقد زواجها، بل يزوجها من يزوج المرأة بإذنها. لما أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا تزوِّج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها] (٣).

وقوله: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. يعني الصداق. لا يجوز أن يبخس منه شيئًا لكونهن إماء غير حرائر، فلابد من دفع مهورهن عن طيب نفس، بالمعروف: أي على ما تراضيتم به.

وقوله: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}. قال ابن عباس: (يعني: تنكحوهن عفائف غير زواني في سرّ ولا علانية، {وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}، يعني: أخلاء). وقال: (المسافحات: هن الزواني المعلنات). يعني الزواني اللاتي لا يمنعن أحدًا أرادهن بالفاحشة. وقال مجاهد: ({وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} قال: الخليلة يتخذها الرجل، والمرأة تتخذ الخليل).

وقوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}. قال ابن عباس: ({فَإِذَا أُحْصِنَّ}: يعني إذا تزوجن). وقال قتادة:


(١) الهجين: أبوه عربي وأُمه أمة. أي: غير عربية.
(٢) حديث حسن. أخرجه أبو داود (٢٠٧٨)، والترمذي (١١١١)، وابن ماجة، وأخرجه أحمد (٣/ ٣٠١)، وأبو يعلى (٢٠٠٠) من جابر، وله شواهد.
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة وله شواهد، انظر صحيح الجامع الصغير (٧١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>