للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}. قال قتادة: (أي عقوبة).

وقوله: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا}. قال مجاهد: (شفاعة بعض الناس لبعض).

وقال الحسن: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً}، كتب له أجرها ما جرت منفعتها).

وقال السدي: (أما "الكفل" فالحَظّ). وقال الربيع: {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} قال: حَظّ منها، فبئس الحظّ).

وخلاصة المعنى: أنَّ من يسعى في أمر يترتب عليه نفع وخير كان له نصيب من ذلك، كما لو سعى في أمر ترتبت عليه مفسدة في حياة الناس كان له من ذلك الوزر.

وفي الصحيحين والمسند من حديث أبي موسى الأشعري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [اشفعوا تُؤْجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء] (١).

وأصل الشفاعة والشّفعة من الشَّفع وهو الزوج من العدد، ومنه الشفيع؛ لأنه يصير مع صاحب الحاجة شَفْعًا. والشفاعة تشمل البر والطاعة والدعاء وكل وجوه الخير. وفي صحيح مسلم من حديث أبي الدرداء، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [منْ دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكَّلُ به: آمين، ولك بِمثل] (٢).

وفي لفظ: [دعوة المرء المسلم لأخيه -بِظَهْرِ الغَيْبِ- مستجابة، عند رأسه ملك مُوَكَّلٌ، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكَّلُ به: آمين، ولك بمثل].

وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}.

قال ابن عباس: (حفيظًا). وقال مجاهد: (شهيدًا، حسيبًا، حفيظًا).

وقال السدي: (قديرًا). وقال الضحاك: (المقيت الرزاق).

وقال عبد الله بن كثير: (المُقيت: الواصب). أي القائم على الأمر أحسن القيام.

قلت: وكلها معان يحتملها البيان الإلهي، وهي تزيد المعنى ثراء وتوضح آفاقه.


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (١٤٣١)، وأخرجه مسلم برقم (٢٦٢٧)، وأخرجه أحمد (٤/ ٤٠٠)، وغيرهم.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٢٧٣٢)، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>