للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طلعت عليه الشمس وغربت، أولهن: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦)[النساء] والثانية: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧)[النساء] والثالثة: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)[النساء]، ثم ذكر قول ابن مسعود سواء - يعني: في الخمسة الباقية (١) -.

وروى الحاكم من طريق أبي نعيم، عن سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن أبي مليكة: سمعت ابن عباس يقول: سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير. ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه (٢).

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾.

يقول تعالى آمرًا خلقه بتقواه، وهي عبادته وحده لا شريك له، ومنبهًا لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة، وهي آدم ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وهي حواء خلقت من ضلعه الأقصر (٣) من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مقاتل، حدثنا وكيع، عن أبي هلال، عن قتادة، عن ابن عباس، قال: خلقت المرأة من الرجل فجعل نهمتها في الرجل وخلق الرجل من الأرض فجعل نهمته في الأرض، فاحبسوا نساءكم (٤).

وفي الحديث الصحيح: "إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج" (٥).

وقوله: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ أي: وذرأ منهما؛ أي: من آدم وحواء رجالًا كثيرًا ونساءً، ونشرهم في أقطار العالم على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم، ثم إليه بعد ذلك المعاد والمحشر. ثم قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ أي: واتقوا الله بطاعتكم إياه. قال إبراهيم ومجاهد والحسن: ﴿الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ أي كما يقال: أسألك بالله وبالرحم (٦).

[وقال الضحاك] (٧): واتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها


(١) أخرجه الطبري من طريق صالح المري به، وسنده ضعيف جدًّا بسبب صالح المري متروك كما في تهذيب التهذيب والتاريخ الكبير ٢/ ٢٧٤.
(٢) أخرجه الحاكم بسنده ومتنه وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٣٠١).
(٣) أخرج الطبري بسند صحيح من طريق مجاهد قال: حواء من قُصيرى بن آدم. والقُصيرى: أسفل الأضلاع (تاج العروس: ق ص ر).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده منقطع لأن قتادة لم يسمع ابن عباس.
(٥) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (الصحيح، أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته ح ٣٣٣١).
(٦) أخرجه الطبري بأسانيد صحاح عنهم ثلاثتهم.
(٧) الزيادة من (ح) و (حم).