للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زوجي، ولا أنا تركت فأنكح، فأنزل الله هذه الآية (١). وقال السدي عن أبي مالك: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها، جاء وليه فألقى عليها ثوبًا، فإن كان له ابن صغير، أو أخ، حبسها حتى يشب، أو تموت فيرثها، فإن هي انفلتت فأتت أهلها ولم [يلق] (٢) عليها ثوبًا، نجت، فأنزل الله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ (٣).

وقال مجاهد في قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾: كان الرجل يكون في حجره اليتيمة هو يلي أمرها، فيحبسها رجاء أن تموت امرأته فيتزوجها أو يزوجها ابنه، رواه ابن أبي حاتم (٤). ثم قال: وروي عن الشعبي وعطاء بن أبي رباح وأبي مجلز والضحاك والزهري وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان (٥)، نحو ذلك [قلت] (٦)، فالآية تعم ما كان يفعله أهل الجاهلية وما ذكره مجاهد، ومن وافقه، وكل ما كان فيه نوع من ذلك، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ أي: لا تُضَارّوهن في العشرة، لتترك لك ما أصدقتها أو بعضه أو حقًّا من حقوقها عليك، أو شيئًا من ذلك على وجه القهر لها والاضطهاد.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾: يقول: ولا تقهروهن ﴿لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ يعني: الرجل، تكون له امرأة وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي (٧). وكذا قال الضحاك وقتادة (٨)، واختاره ابن جرير.

وقال ابن المبارك وعبد الرزاق: أخبرنا معمر، قال: أخبرني سماك بن الفضل، عن ابن البَيْلماني، قال: نزلت هاتان الآيتان، إحداهما في أمر الجاهلية، والأخرى في أمر الإسلام.

وقال عبد الله بن المبارك: يعني قوله: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ في الجاهلية، ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ في الإسلام (٩).

وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ قال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن البصري ومحمد بن سيرين وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وعطاء الخراساني والضحاك وأبو قلابة وأبو صالح والسدي وزيد بن أسلم وسعيد بن أبي هلال: يعني: بذلك الزنا (١٠).


(١) وسنده مرسل.
(٢) كذا في (ح) و (حم) و (مح) وفي الأصل: "يكن".
(٣) أخرجه الطبري بالإسناد المتقدم قبل رواية مجاهد، وسنده ضعيف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سالم عن مجاهد.
(٥) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٦) كذا في (حم) و (ح) و (مح)، وفي الأصل: "قال".
(٧) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عن علي بن أبي طلحة به.
(٨) قول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق معمر عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف لم يصرح باسم شيخه.
(٩) أخرجه عبد الرزاق عن معمر به، وأخرجه الطبري من طريق ابن المبارك به وهو مرسل، وعبد الرحمن ضعيف كما في التقريب.
(١٠) ذكرهم ابن أبي حاتم كلهم بحذف السند، وتقدم التخريج في الآية ١٥ من هذه السورة الكريمة.