للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصيبه، فلما (أخره) (١) رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث النبي فقال: "اقرأ يا بن حضير، اقرأ يا بن حضير" قال: فأشفقت أن تطأ يحيى وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها، قال: "أو تدري ما ذاك؟ " قال: لا، قال: "تلك الملائكة دنت لصوتك، لو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم".

قال ابن الهاد: وحدثني هذا الحديث عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري عن أسيد بن الحضير.

هكذا أورد البخاري (٢) هذا الحديث معلقًا وفيه انقطاع في الرواية الأولى، فإن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي المدني تابعي صغير لم يدرك أسيدًا؛ لأنه مات سنة عشرين، وصلى عليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .

ثم فيه غرابة من حيث إنه قال: وقال الليث: حدثني يزيد بن الهاد، ولم أره بسند متصل عن الليث (كذلك) (٣) إلا ما ذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر في "الأطراف" أن يحيى بن عبد الله بن بكير رواه عن الليث كذلك.

وقد رواه الإمام (٤) أبو عبيد في "فضائل القرآن" فقال: وحدثنا عبد الله بن صالح ويحيى بن بكير، عن الليث، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أسيد بن حضير، فذكر الحديث إلى آخره.

ثم قال: قال ابن الهاد: وحدثني عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد عن أسيد بن حضير بهذا.

وقد رواه النسائي (٥) في "فضائل القرآن" عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب بن الليث، وعن علي بن محمد بن علي، عن داود بن منصور، كلاهما عن الليث، عن خالد بن


(١) كذا وقع في (أ)، وكتب بخط دقيق جدًا في (ج). ونص الحافظ في "الفتح" (٩/ ٦٤) على أن هذا اللفظ وقع في رواية القابسي. ووقع في "الصحيح": "اجتره"؛ يعني: جره عن المكان الذي هو فيه، خشية أن تطأه الفرس. ووقع في (ج) و (ط): "أخذه" ولم ينبه عليها الحافظ في الفتح. فالله أعلم.
(٢) في "فضائل القرآن" (٩/ ٦٣) وقد صرح الإسماعيلي في "المستخرج"؛ والضياء في "المختارة"؛ والحافظ في "الفتح" أن الإسناد منقطع بين محمد بن إبراهيم التيمي وأسيد بن حضير، وعندي أن البخاري خرج هذا الإسناد عرضًا لأجل الإسناد الموصول الذي ذكره في آخر الحديث، لذا فالتعويل على الإسناد الموصول كما قال الحافظ وغيره. وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (٥٦٢) من طريق محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن محمود بن لبيد أن أسيد بن حضير فساقه فهذا يؤيد الانقطاع.
(٣) في (أ): "بذلك".
(٤) (ص ٢٦) وأخرجه البيهقي في "الدلائل" (٧/ ٨٤)؛ وأبو نعيم في "المعرفة" (٨٧٦)، وفي "الدلائل" (٥٠٢)، والحافظ في "التغليق" (٤/ ٣٨٧) من طريق يحيى بن بكير، حدثنا الليث بن سعد بسنده سواء.
(٥) في "فضائل القرآن" (٤١، ٩٩) وعنه الضياء في "المختارة" (١٤٦٤) من طريق سعيد بن أبي هلال عن يزيد بن الهاد بسنده سواء.
وتابعه الدراوردي ويحيى بن أيوب كلاهما عن يزيد بن الهاد مثله.
أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٩٢٨، ١٩٢٩)، والطبراني في "الكبير" (٥٦١).