للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سورة الكهف ليلة إذ رأى دابته تركض - أو قال: فرسه يركض - فنظر فإذا مثل الضبابة أو مثل الغمامة، فذكر ذلك لرسول الله، فقال: "تلك السكينة تنزلت للقرآن - أو تنزلت على القرآن -".

وقد أخرجه صاحبا "الصحيح" من حديث شعبة.

والظاهر أن هذا هو أسيد بن الحضير .

فهذا مما يتعلق بصناعة الإسناد، وهذا من أغرب تعليقات البخاري ، ثم سياقه ظاهر فيما ترجم عليه من نزول السكينة والملائكة عند القراءة.

وقد اتفق نحو هذا الذي وقع لأسيد بن الحضير لثابت بن قيس بن شماس، كما:

قال أبو عبيد (١): حدثنا عباد بن عباد، عن جرير بن حازم، عن عمه جرير بن يزيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه أن رسول الله قيل له: ألم تر ثابت بن قيس بن شماس؟ لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح قال: "فلعله قرأ سورة البقرة"، قال: فسئل ثابت فقال: قرأت سورة البقرة.

وفي الحديث المشهور الصحيح "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا تنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".

رواه مسلم (٢) عن أبي هريرة.

ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: ٧٨] جاء في بعض التفاسير أن الملائكة تشهده.

وقد جاء في "الصحيحين" (٣) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين نزلوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون".


(١) في "فضائل القرآن" (ص ٢٧).
وعزاه الحافظ في "الفتح" (٩/ ٧٥) لأبي داود، وقال: "من طريق مرسلة".
وقال الحافظ ابن كثير في أول سورة البقرة: "هذا إسناد جيد، إلا أن فيه إبهامًا، ثم هو مرسل". اهـ.
(٢) في "صحيحه" (٢٦٩٩/ ٣٨) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا مطولًا. وأخرجه الترمذي (٢٩٤٥)؛ وابن ماجه (٢٢٥)؛ وأحمد (٢/ ٢٥٢، ٤٠٧) وغيرهم من طريق الأعمش. وهو عند أبي داود (١٤٥٥، ٤٩٤٦)؛ والنسائي، كما في "الأطراف" (٩/ ٣٧٥)، مختصرًا.
وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" (٣/ ٣٠٧) للبخاري فوهم، وقد قال الحافظ في "الفتح" (١/ ١٧٤): "لم يخرجه المصنف، يعني: البخاري، لاختلاف فيه". اهـ.
(٣) أخرجه البخاري (٢/ ٣٣، ١٣/ ٤١٥، ٤٦١)؛ ومسلم (٦٣٢/ ٢١٠) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا … فذكره.
وأخرجه النسائي (١/ ٢٤٠، ٢٤١)؛ وأحمد (٢/ ٤٨٦)؛ وأبو عوانة (١/ ٣٧٨)؛ وابن حبان (١٧٣٧) وغيرهم عن أبي الزناد. وللحديث طرق عن أبي هريرة.