للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم قريب من هذا (١).

وقال زيد بن أسلم، عن ابن لسعد بن معاذ: أنها نزلت في تقاول الأوس والخزرج في شأن عبد الله بن أُبي، حين استعذر من رسول الله على المنبر في قضية الإفك (٢). وهذا غريب، وقيل غير ذلك.

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ أي: ردهم وأوقعهم في الخطأ.

قال ابن عباس: ﴿أَرْكَسَهُمْ﴾ أي: أوقعهم (٣).

وقال قتادة: أهلكهم (٤).

وقال السدي: أضلهم (٥).

وقوله: ﴿بِمَا كَسَبُوا﴾ أي: بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول واتباعهم الباطل ﴿أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ أي: لا طريق له إلى الهدى ولا مخلص له إليه،

وقوله: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ أي: هم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم فيها وما ذاك إلا لشدة عدواتهم وبغضهم لكم، ولهذا قال: ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أي: تركوا الهجرة، قاله العوفي عن ابن عباس (٦).

وقال السدي: أظهروا كفرهم (٧).

﴿فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ أي: لا توالوهم ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك،

ثم استثنى الله من هؤلاء، فقال: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ أي: إلا الذين لجأوا وتحيزوا إلى قوم بينكم وبينهم مهادنة، أو عقد ذمة فاجعلوا حكمهم كحكمهم، وهذا قول السدي وابن زيد وابن جرير (٨).

وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر النبي على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم، قال سراقة: بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج، فأتيته فقلت: أنشدك النعمة، فقالوا: صه، فقال النبي : "دعوه، ما تريد؟ " قال:


(١) قول أبي سلمة بن عبد الرحمن أخرجه ابن أبي حاتم والإمام أحمد (المسند ١/ ١٩٢)، بسند حسن، وقول عكرمة أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح لكنه مرسل، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح لكنه مرسل وهذه المراسيل يقوي بعضها بعضًا.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم به.
(٣) أخرجه الطبري وابن حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري وأبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٦) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن العوفي به.
(٧) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٨) قول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه، وقول ابن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عنه.