للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك عن سفيان، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، وقال: رواه الجماعة من أصحاب سفيان عنه بإسقاط "سعد بن عبيدة" ورواية سفيان أصح.

وفي هذا المقام المتعلِّق بصناعة الإسناد طول لولا الملالة لذكرناه. وفيما ذكر كفاية وإرشاد إلى ما ترك، والله أعلم.

والغرض أنه قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وهذه صفات المؤمنين المتبعين للرسل وهم الكمل في أنفسهم المكملون لغيرهم، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ولا يتركون أحدًا ممن أمكنهم أن ينتفع، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ﴾ [النحل: ٨٨]، وكما قال تعالى: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٦] في أصح قولي المفسرين في هذا هو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه أيضًا، فجمعوا بين التكذيب والصد، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا﴾ [الأنعام: ١٥٧] فهذا شأن شرار الكفار، كما أن شأن الأخيار الأبرار أن يتكمل في نفسه، وأن يسعى في تكميل غيره كما قال : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وكما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)[فصلت] فجمع بين الدعوة إلى الله سواء كان بالأذان أو بغيره من أنواع الدعوة إلى الله تعالى من تعليم القرآن والحديث والفقه وغير ذلك مما يبتغى به وجه الله، وعمل هو في نفسه صالحًا، وقال قولًا صالحًا أيضًا فلا أحد أحسن حالًا من هذا. وقد كان أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي الكوفي أحد أئمة الإسلام ومشايخهم ممن رغب في هذا المقام فقعد يعلم الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج.

[قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث يعلم فيه القرآن سبعين سنة] (١)، (وأثابه) (٢)، وآتاه ما طلبه ورامه آمين.

(٣) [ثم قال البخاري (٣): حدثنا عمرو بن عون، حدّثنا حماد، عن أبي] (٤). [حازم عن سهل بن سعد قال: أتت النبي امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله، فقال: "ما لي في النساء من حاجة" فقال رجل: زوجنيها؟ قال: "أعطها ثوبًا" قال: لا أجد، قال: "أعطها ولو خاتمًا من حديد" فاعتل له، فقال: "ما معك من القرآن؟ " قال: كذا وكذا، قال: "قد زوجتكها بما معك من القرآن؟ ".

وهذا الحديث متفق على صحة إخراجه من طرق عديدة.

والغرض منه الذي قصده البخاري أن هذا الرجل تعلم الذي تعلمه من القرآن، وأمره النبي ] (٥).


(١) سقط من سياق (أ) واستدرك في الحاشية.
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في "فضائل القرآن" (٩/ ٧٤)؛ وأخرجه مالك (٢/ ٥٢٦/ ٨) و (١/ ٥٧٢، رواية أبي مصعب)؛ والبخاري (٤/ ٤٨٦، ٩/ ٧٨، ١٣١، ١٧٥، ١٨٠، ١٨١، ١٨٨، ١٩٠، ١٩١، ١٩٨، ٢٠٥، ٢١٦؛ و ١٠/ ٣٢٢، ٣٢٣؛ و ١٣/ ٤٠٢ فتح)؛ ومسلم (١٤٢٥/ ٧٧).
(٤) من أول هنا إلى آخر الفصل ساقط من (ج).
(٥) ساقط من (ج).