للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.

وقال حماد (١) أيضًا، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن مسعود أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف (فقرأوا) (٢) وفسر لهم.

إسناد صحيح.

وقال حماد بن سلمة (٣)، عن حجاج بن أرطاة، عن ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر، قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ.

وقال الأعمش (٤)، عن خيثمة: دخلت على ابن عمر وهو يقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة.

فهذه الآثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير فالاستثبات أولى والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال.

فأما تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن؛ لأن الكتابة لا تدل على الأداء كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، وإذا أدَّى الحال إلى هذا منع منه إذا وجد شيخًا يوقفه على ألفاظ القرآن. فأما عند العجز عمن يلقن فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف والحالة هذه فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه، فقد:

قال الإمام أبو عبيد (٥): حدثني هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب، عن الأوزاعي أن رجلًا صحبهم في سفر، قال: فحدثنا حديثًا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله قال: "إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ، كتبه الملك كما أنزل".

وحدثنا حفص بن غياث، عن الشيباني عن بكر بن الأخنس قال: كان يقال إذا قرأ الأعجمي والذي لا يقيم القرآن كتبه الملك كما أنزل.

وقال بعض العلماء: المدار في هذه المسألة على الخشوع، فإن (كان) (٦) الخشوع أكثر عند


= حماد بن سلمة، عن علي بن زيد متماسكة، والله أعلم.
(١) أخرجه أبو عبيد (ص ٤٧) أيضًا قال: حدثنا حجاج، عن حماد بسنده سواء.
(٢) في (أ): "فقراء" بالإفراد.
(٣) أخرجه أبو عبيد (ص ٤٦) قال: حدثنا حجاج، عن حماد بن سلمة بسنده سواء وسنده ضعيف. وابن أرطاة وثوير ضعيفان وحجاج أمثلهما.
(٤) أخرجه أبو عبيد (ص ٤٧)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٣٠، ٥٣١) من طريق عن الأعمش بسنده سواء. وسنده صحيح.
(٥) أخرجه أبو عبيد (ص ٤٧) وسنده ضعيف لإعضاله.
وعزاه السيوطي في "الجامع" للديلمي في "مسند الفردوس"، عن ابن عباس، فقال المناوي في "فيض القدير" (١/ ٤١٦): "فيه هشيم بن بشير قال الذهبي: حافظ حجة مدلس، عن أبي بشر مجهول". اهـ. كذا قال! وأبو بشر هذا هو جعفر بن إياس وهو ثقة فإن كان رواه عن مجاهد، عن ابن عباس ففي روايته عن مجاهد ضعف، وإن كان يرويه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فسنده قوي. والله أعلم.
(٦) ساقط من (ج).