للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المدينة وتبعه أصحابه، فأنزل الله في ذلك هذه الآية (١).

وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ يعني: من توكل على الله كفاه الله ما أهمه، وحفظه من شر الناس وعصمه، ثم أمر رسول الله أن يغدو إليهم، فحاصرهم حتى أنزلهم فأجلاهم. ولله الحمد والمنّة.

﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣) وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)﴾.

لما أمر تعالى عباده المؤمنين بالوفاء بعهده وميثاقه الذي أخذه عليهم على لسان عبده ورسوله محمد ، وأمرهم بالقيام بالحق، والشهادة بالعدل، وذكرهم نعمه عليهم الظاهرة والباطنة فيما هداهم له من الحق والهدى، شرع يبين لهم كيف أخذ العهود والمواثيق على من كان قبلهم من أهل الكتابين: اليهود والنصارى، فلما نقضوا عهوده ومواثيقه أعقبهم ذلك لعنًا منه لهم، وطردًا عن بابه وجنابه، وحجابًا لقلوبهم عن الوصول إلى الهدى ودين الحق، وهو العلم النافع، والعمل الصالح، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ يعني: عرفاء على قبائلهم بالمبايعة والسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه.

وقد ذكر ابن عباس وابن إسحاق وغير واحد أن هذا كان لما توجه موسى لقتال الجبابرة، فأمر بأن يقيم نقباء من كل سبط نقيب، قال محمد بن إسحاق: فكان من سبط [روبيل] (٢): شامون بن ركون، ومن سبط شمعون: شافاط بن حُرّي، ومن سبط يهوذا: كالب بن يوفنا، ومن سبط أتين: ميخائيل بن يوسف، ومن سبط يوسف - وهو: سبط إفرايم -: يوشع بن نون، ومن سبط بنيامين: فلطم بن دفون، ومن سبط زبولون: جدي بن شورى، ومن سبط منشأ بن يوسف: جدي بن سوسى، ومن سبط دان: حملائيل بن جمل، ومن سبط أشار: ساطور بن ملكيل، ومن سبط نفثالي: بحر بن وقسي، ومن سبط يساخر: لايل بن مكيد (٣).

وقد رأيت في السفر الرابع من التوراة تعداد النقباء على أسباط بني إسرائيل وأسماء مخالفة


(١) هذه الآثار أخرجها الطبري عن مجاهد وعكرمة وأبي مالك وعبد الله بن كثير بأسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٢) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "روميل"، وهو تصحيف.
(٣) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه، بدون ذكر الأسماء. وقول ابن إسحاق أخرجه الطبري من طريق ابن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق، وهذه الأسماء يقع فيها بعض الاختلاف، وقد ضبطها الأستاذ أحمد شاكر من التوراة التي وقف عليها.