للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدري، فقال آدم: ويلك يا قابيل، انطلق فاطلب أخاك، فقال قابيل في نفسه: الليلة أقتله، وأخذ معه حديدة فاستقبله وهو منقلب، فقال: يا هابيل تقبل قربانك ورد علي قرباني لأقتلنك، فقال هابيل: قربت أطيب مالي، وقربت أنت أخبث مالك وإن الله لا يقبل إلا الطيب إنما يتقبل الله من المتقين، فلما قالها غضب قابيل، فرفع الحديدة وضربه بها، فقال: ويلك يا قابيل، أين أنت من الله كيف يجزيك بعملك؟ فقتله، فطرحه في جوبة (١) من الأرض، وحثى عليه شيئًا من التراب (٢).

وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول: إن آدم أمر ابنه قابيل أن ينكح أخته توأمة هابيل، وأمر هابيل أن ينكح توأمة قابيل، فسلم لذلك هابيل ورضي، وأبي ذلك قابيل وكره تكرمًا عن أخت هابيل، ورغب بأخته عن هابيل وقال: نحن من ولادة الجنة، وهما من ولادة الأرض، وأنا أحق بأختي، ويقول بعض أهل العلم بالكتاب الأول: كانت أخت قابيل من أحسن الناس، فضن بها على أخيه وأرادها لنفسه والله أعلم أي ذلك كان فقال له أبوه: يا بني إنها لا تحل لك فأبى قابيل أن يقبل ذلك من قول أبيه، قال له أبوه: يا بني قرّب قربانًا ويقرب أخوك هابيل قربانًا فأيكما تقبل قربانه فهو أحق بها، وكان قابيل على بذر الأرض، وكان هابيل على رعاية الماشية، فقرب قابيل قمحًا وقرب هابيل أبكارًا من أبكار غنمه، وبعضهم يقول: قرب بقرة، فأرسل الله نارًا بيضاء فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله (٣)، رواه ابن جرير.

وروى العوفي عن ابن عباس قال: [من] (٤) شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه وإنما كان القربان يقربه الرجل فبينا ابنا آدم قاعدان، إذ قالا لو قربنا قربانًا، وكان الرجل إذا قرب قربانًا فرضيه الله أرسل إليه نارًا فتأكله، وإن لم يكن رضيه الله خبت النار، فقربا قربانًا، وكان أحدهما راعيًا وكان الآخر حراثًا، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها، وقرب الآخر بعض زرعه، فجاءت النار فنزلت بينهما فأكلت الشاة وتركت الزرع، وإن ابن آدم قال لأخيه أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قربانًا فتقبل منك وردّ علي، فلا والله لا ينظر الناس إليّ وأنت خير مني فقال: لأقتلنك، فقال له أخوه: ما ذنبي؟ إنما يتقبل الله من المتقين (٥). رواه ابن جرير.

فهذا الأثر يقتضي أن تقريب القربان كان لا عن سبب ولا عن تدارؤ (٦) في امرأة كما تقدم عن


(١) الجوبة: الحفرة.
(٢) سنده ضعيف لأن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري قال أبو حاتم: ضعيف الحديث .. حدثنا عنه الأنصاري بحديثين باطلين (الجرح والتعديل ٧/ ١١٢).
(٣) أخرجه الطبري من طريق ابن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق، وفيه ابن حميد وهو: محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وقد صرح ابن إسحاق أن روايته عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول، أي بالتوراة وأشباهها.
(٤) ما بين معقوفين تأخر في الأصل بسبب الخطأ في الترتيب.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٦) أي: اختلاف.