للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله على الحق في ذلك، فجعل الدية في ذلك سواء، واللّه أعلم أي ذلك كان (١). ورواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث ابن إسحاق بنحوه (٢).

ثم قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كانت قريظة والنضير، وكانت النضير أشرف من قريظة، فكان إذا قتل القرظي رجلًا من النضير قتل به، وإذا قتل النضيري رجلًا من قريظة، ودي بمائة وسق من تمر، فلما بعث رسول اللّه قتل رجل من النضير رجلًا من قريظة، فقالوا: ادفعوا إليه، فقالوا: بيننا وبينكم رسول الله ، فنزلت: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ (٣).

ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم في المستدرك من حديث عبيد اللّه بن موسى بنحوه (٤)، وهكذا قال قتادة ومقاتل بن حيان وابن زيد وغير واحد.

وقد روى العوفي وعلي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا (٥)، كما تقدمت الأحاديث بذلك، وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد، فنزلت هذه الآيات في ذلك كله، واللّه أعلم، ولهذا قال بعد ذلك: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] إلى آخرها، وهذا يقوي أن سبب النزول قضية القصاص، واللّه أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ قال البراء بن عازب وحذيفة بن اليمان وابن عباس وأبو مجلز وأبو رجاء العطاردي وعكرمة وعبيد اللّه بن عبد اللّه والحسن البصري وغيرهم: نزلت في أهل الكتاب (٦)، زاد الحسن البصري: وهي علينا واجبة.

وقال عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، قال: نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل، ورضي اللّه لهذه الأمة بها (٧)، رواه ابن جرير (٨).

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا يعقوب، حدثنا هشيم، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٢) مسند أحمد ١/ ٣٦٣، وسنن أبي داود الأقضية، باب الحكم بين أهل الذمة (ح ٣٥٩١)، وسنن النسائي القسامة، باب تأويل قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ [المائدة: ٤٢] ٨/ ١٩، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٠٦١).
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن ولا يضر بأن رواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب لأنه قد توبع كما في الروايات السابقة.
(٤) سنن أبي داود، الديات، باب النفس بالنفس (ح ٤٤٩٤)، وسنن النسائي، الباب السابق ٨/ ١٨، والمستدرك ٤/ ٣٦٦، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٧٧٢).
(٥) أخرجهما الطبري وطريق ابن أبي طلحة يقوي طريق العوفي.
(٦) قول البراء أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن مرة عنه، وقول حذيفة أخرجه الطبري بسند منقطع من طريق أبي البختري عنه وأبو البختري لم يسمع من حذيفة، وقول أبي مجلز أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٨) أخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق به، وسنده صحيح.