للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبوه جارية بن ظفر مذكور في الصحابة (١).

ثم قالوا: لا يجوز أن يقتص من الجراحة حتى تندمل جراحة المجني عليه، فإن اقتص منه قبل الاندمال ثم زاد جرحه، فلا شيء له، والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد حدثنا [يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، وذكر] (٢) عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلًا طعن رجلًا بقرن في ركبته، فجاء إلى النبي فقال: أقدني، فقال: "حتى تبرأ"، ثم جاء إليه فقال: أقدني، فأقاده فقال: يا رسول الله ، فقال: "قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك اللّه وبطل عرجك" (٣) ثم نهى رسول الله بأن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه (٤)، تفرد به أحمد.

(مسألة) فلو اقتص المجني عليه من الجاني فمات من القصاص، فلا شيء عليه عند مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وغيرهم.

وقال أبو حنيفة: تجب الدية في مال المقتص. وقال عامر الشعبي وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار والحارث العكلي وابن أبي ليلى وحماد بن أبي سليمان، والزهري والثوري: تجب الدية على عاقلة المقتص له.

وقال ابن مسعود وإبراهيم النخعي والحكم بن عُتيبة وعثمان البتي: يسقط عن المقتص له قدر تلك الجراحة، ويجب الباقي في ماله.

وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ﴾ يقول: فمن عفا وتصدق عليه فهو كفارة للمطلوب وأجر للطالب.

وقال سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: فمن تصدق به فهو كفارة للجارح وأجر المجروح على الله ﷿، رواه ابن أبي حاتم، ثم قال: وروي عن خيثمة بن عبد الرحمن ومجاهد وإبراهيم في أحد قوليه وعامر الشعبي وجابر بن يزيد نحو ذلك (٥) (٦).

(الوجه الثاني): ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا حماد بن زاذان، حدثنا حرمي - يعني: ابن عمارة -، حدثنا شعبة، عن عمارة - يعني: ابن أبي حفصة -، عن رجل، عن جابر بن عبد اللّه في قول الله ﷿: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ قال: للمجروح، وروي عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي في أحد قوليه وأبي إسحاق الهمداني نحو ذلك (٧).


(١) الاستذكار لابن عبد البر (٢٥/ ٢٨٧).
(٢) بياض في النسخ الثلاث، واستكمل من المسند (ح ٧٠٣٣، ٧٠٣٤).
(٣) كذا في النسخ الثلاث، وفي المسند: وبطل جرحك.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده نحوه، وضعفه محققوه بسبب تدليس وعنعنة ابن إسحاق (المسند ١١/ ٦٠٦ - ٦٠٧ ح ٧٣٤).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه وتعليقه، وسنده حسن، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول إبراهيم أخرجه الطبري بسند حسن من طريق منصور بن المعتمر عنه.
(٦) ما تقدم هو الوجه الأول، ويليه الوجه الثاني.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لعدم التصريح باسم شيخ عمارة، ويتقوى بالأثار الخمسة التي تليه.