للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي: من حديث الحسين بن قيس أبي علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله لأصحاب الكيل والميزان "إنكم وليتم أمرًا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم" ثم قال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث الحسين وهو ضعيف في الحديث. وقد روي بإسناد صحيح عن ابن عباس موقوفًا (١).

قلت: وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من حديث شريك، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : "إنكم معشر الموالي قد بشركم الله بخصلتين بهما هلكت القرون المتقدمة: المكيال والميزان" (٢).

وقوله تعالى: ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ أي: من اجتهد في أداء الحق وأخذه، فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه.

وقد روى ابن مردويه من حديث بقية، عن مُبشر بن عُبيد، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله في الآية ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ فقال: "من أوفى على يده في الكيل والميزان والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما لم يؤاخذ وذلك تأويل وسعها" (٣) هذا مرسل غريب.

وقوله: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ كقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ الآية [المائدة: ٨]، وكذا التي تشبهها في سورة النساء (٤)، يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد، والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد في كل وقت وفي كل حال.

وقوله: ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا﴾ قال ابن جرير: يقول وبوصية الله التي أوصاكم بها فأوفوا، وإيفاء ذلك: أن تطيعوه فيما أمركم ونهاكم وتعملوا بكتابه وسنة رسوله، وذلك هو الوفاء بعهد الله (٥).

﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ يقول تعالى: هذا أوصاكم به وأمركم به وأكد عليكم فيه ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ أي: تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه قبل هذا، وقرأ بعضهم بتشديد الذال وآخرون بتخفيفها (٦).

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ وفي قوله: ﴿أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣] ونحو هذا في القرآن، قال: أمر الله


(١) أخرجه الترمذي من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عن الحسين بن قيس به مع حكمه (السنن، البيوع، باب ما جاء في المكيال والميزان ح ١٢١٧)، وفي سنده الحسين بن قيس متروك (التقريب ص ١٦٨)، والصحيح وقفه على ابن عباس.
(٢) في سنده شريك وهو ابن عبد الله القاضي صدوق سيء الحفظ كما في التقريب، ولعله أخطأ في رفعه.
(٣) في سنده مبشر بن عُبيد وهو الحمصي وهو متروك ورماه أحمد بالوضع (التقريب ص ٥١٩).
(٤) الآية: ١٣٥.
(٥) ذكره الطبري بنحوه.
(٦) كلتاهما قراءتان متواترتان.