للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه ابن ماجه: في كتاب السنة من سننه، والبزار عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد، عن أبي خالد الأحمر به (١). قلت: ورواه الحافظ بن مردويه من طريقين عن أبي سعيد الكندي، حدثنا أبو خالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر، قال: خط رسول الله خطًا، وخط عن يمينه خطًا وخط عن يساره خطًا، ووضع يده على الخط الأوسط، وتلا هذه الآية ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ (٢) ولكن العمدة على حديث ابن مسعود مع ما فيه من الاختلاف إن كان مؤثرًا، وقد روي موقوفًا عليه، قال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبان، أن رجلًا قال لابن مسعود ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمد في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد وعن يساره جواد ثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ الآية (٣).

وقال ابن مردويه: حدثنا أبو عمرو، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، حدثنا آدم، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا أبان بن عياش، عن مسلم بن عمران، عن عبد الله بن عمر، سأل عبد الله، عن الصراط المستقيم فقال ابن مسعود: تركنا محمد في أدناه وطرفه في الجنة، وذكر تمام الحديث كما تقدم (٤)، والله أعلم.

وقد روي من حديث النواس بن سمعان نحوه، قال الإمام أحمد: حدثني الحسن بن سوار أبو العلاء، حدثنا - ليث يعني: ابن سعد - عن معاوية بن صالح، أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير حدثه، عن أبيه، عن النواس بن سمعان، عن رسول الله قال: "ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعن جنبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يدعو: يا أيها الناس هلموا ادخلوا الصراط المستقيم جميعًا ولا تفرقوا وداع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن فتحته تلجه فالصراط الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم" ورواه الترمذي والنسائي عن علي بن حجر، زاد النسائي وعمرو بن عثمان كلاهما عن بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان به، وقال الترمذي: حسن غريب (٥).

وقوله تعالى: ﴿فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ إنما وحد سبيله لأن الحق واحد، ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥٧)[البقرة].


(١) السنن، المقدمة، باب اتباع سنة رسول الله (ح ١١)، وسنده كسابقه في علته وتقويته.
(٢) سنده كسابقه في علته وتقويته.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف جدًا لأن أبان بن أبي عياش متروك (التقريب ص ٨٧).
(٤) سنده كسابقه.
(٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة الفاتحة آية ٦.