للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ يقول أحسن فيما أعطاه الله (١).

وقال قتادة: من أحسن في الدنيا تمم له ذلك في الآخرة (٢).

واختار ابن جرير أن تقديره ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا﴾ على إحسانه فكأنه جعل الذي مصدرية كما قيل في قوله تعالى: ﴿وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾ [التوبة: ٦٩] أي: كخوضهم وقال ابن رواحة:

وثبَّت الله ما آتاك من حسن … في المرسلين ونصرًا كالذي نُصِروا (٣)

وقال آخرون: الذي ههنا بمعنى الذين.

قال ابن جرير: وذُكر عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرؤها (تمامًا على الذين أحسنوا) (٤).

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾، قال: على المؤمنين والمحسنين (٥)، وكذا قال أبو عبيدة، وقال البغوي: المحسنون الأنبياء والمؤمنون؛ يعني: أظهرنا فضله عليهم قلت: كقوله تعالى: ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ [الأعراف: ١٤٤] ولا يلزم اصطفاؤه على محمد خاتم الأنبياء والخليل لأدلة أخرى.

قال ابن جرير: وروى أبو عمرو بن العلاء، عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرؤها: (تمامًا على الذي أحسنُ) (٦) رفعًا بتأويل على الذي هو أحسن، ثم قال: وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها وإن كان لها في العربية وجه صحيح، وقيل: معناه تمامًا على إحسان الله إليه زيادة على ما أحسن إليه، حكاه ابن جرير والبغوي، ولا منافاة بينه وبين القول الأول، وبه جمع ابن جرير كما بيناه، ولله الحمد.

وقوله تعالى: ﴿وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً﴾ فيه مدح لكتابه الذي أنزله الله عليه ﴿لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)

﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥)﴾ فيه الدعوة إلى اتباع القرآن يرغب سبحانه عباده في كتابه ويأمرهم بتدبره والعمل به والدعوة إليه ووصفه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في الدنيا والآخرة.

﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)﴾.

قال ابن جرير: معناه وهذا كتاب أنزلناه لئلا تقولوا: ﴿إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ


(١) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر به.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) ورد في السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٣٧٤.
(٤) ذكره الطبري معلقًا، والقراءة شاذة تفسيرية.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) ذكره الطبري معلقًا، والقراءة شاذة تفسيرية.