للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٢٤) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (٢٥)﴾.

قيل: المراد [بالخطاب باهبطوا] (١) آدم وحواء وإبليس والحية، ومنهم من لم يذكر الحية، والله أعلم، والعمدة في العداوة آدم وإبليس، ولهذا قال تعالى في سورة طه قال: ﴿اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ الآية [طه: ١٢٣]، وحواء تبع لآدم، والحية إن كان ذكرها صحيحًا فهي تبع لإبليس، وقد ذكر المفسرون الأماكن التي هبط فيها كل منهم ويرجع حاصل تلك الأخبار إلى الإسرائيليات، والله أعلم بصحتها، ولو كان في تعيين تلك البقاع فائدة تعود على المكلفين في أمر دينهم أو دنياهم، لذكرها الله تعالى في كتابه أو رسوله .

وقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ أي: قرار وأعمار مضروبة إلى آجال معلومة، قد جرى بها القلم وأحصاها القدر وسطرت في الكتاب الأول.

وقال ابن عباس: ﴿مُسْتَقَرٌّ﴾ القبور (٢)، وعنه قال: ﴿مُسْتَقَرٌّ﴾ [فوق] (٣) الأرض وتحتها (٤)، رواهما ابن أبي حاتم.

وقوله: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (٢٥)﴾ كقوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥)[طه] يخبر تعالى، أنه جعل الأرض دارًا لبني آدم مدة الحياة الدنيا، فيها محياهم وفيها مماتهم وقبورهم ومنها نشورهم ليوم القيامة، الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين ويجازي كلًا بعمله.

﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)﴾.

يمتن تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش، فاللباس ستر العورات وهي السوآت، والرياش والريش ما يتجمل به ظاهرًا، فالأول من الضروريات والريش من التكملات والزيادات.

قال ابن جرير: الرياش في كلام العرب الأثاث وما ظهر من الثياب (٥).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس وحكاه البخاري عنه: الرياش المال (٦). وهكذا قال


(١) كذا في (حم) و (مح) و (عش) وفي الأصل: "بخطاب اهبطوا".
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق السدي عن عكرمة عن ابن عباس.
(٣) كذا في (مح) وتفسير ابن أبي حاتم، وفي الأصل: و (عش) و (حم): "وجه".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق حميد المدني عن كريب عن ابن باس، وحميد المدني صدوق يهم كما في التقريب.
(٥) ذكره الطبري بلفظه.
(٦) أخرجه البخاري معلقًا الصحيح، التفسير، سورة الأعراف، ووصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي طلحة به، وسنده ثابت.