للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جرير: وقوله: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ يقول الله تعالى: إن الله لا يحب المتعدّين حدّه في حلال أو حرام الغالين فيما أحل بإحلال الحرام أو بتحريم الحلال، ولكنه يحب أن يحلّل ما أحلّ ويحرم ما حرم وذلك العدل الذي أمر به (١).

﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢)﴾.

يقول تعالى ردًّا على من حرّم شيئًا من المآكل أو المشارب أو الملابس من تلقاء نفسه من غير شرع من الله: ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين، الذين يحرمون ما يحرمون بآرائهم الفاسدة وابتداعهم ﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ﴾ الآية، أي هي مخلوقة لمن آمن بالله وعبده في الحياة الدنيا، وإن شركهم فيها الكفار حبًا في الدنيا فهي لهم خاصة يوم القيامة، ولا يشركهم فيها أحد من الكفار، فإن الجنّة مُحرّمة على الكافرين.

قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا أبو حُصين محمد بن الحسين القاضي، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت قريش يطوفون البيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل الله ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ﴾ فأمروا بالثياب (٢).

﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله : "لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله" (٣) أخرجاه في الصحيحين من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن شقيق، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود (٤)، وتقدم الكلام على ما يتعلق بالفواحش، ما ظهر منها وما بطن في سورة الأنعام (٥).

وقوله: ﴿وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ قال السدي: أما الإثم فالمعصية والبغي أن تبغي على الناس بغير الحق.

وقال مجاهد: الإثم المعاصي كلها وأخبر أن الباغي بغيه على نفسه (٦)، وحاصل ما فسر به


(١) ذكره الطبري بلفظه.
(٢) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١٢/ ١٣ ح ١٢٣٢٤)، وسنده ضعيف قال الهيثمي: فيه يحيى الحماني وهو ضعيف (مجمع الزوائد ٧/ ٢٣)، وفي سنده أيضًا يعقوب القمي صدوق يهم. (التقريب ص ٦٠٨).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١/ ٣٨١)، وسنده صحيح.
(٤) صحيح البخاري، النكاح، باب الغيرة (ح ٥٢٢٠)، وصحيح مسلم، التوبة، باب غيرة الله تعالى (ح ٢٧٦٠).
(٥) الآية: ١٥١.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف جدًا من طريق عبد العزيز عن أبي سعد عن مجاهد، وعبد العزيز هو ابن أبان =