للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حجَّ فيه رسول الله مشرك، هذا لفظ البخاري في كتاب الجهاد (١).

وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة في قوله: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قال: لما كان النبي زمن حُنين اعتمر من الجعرانة ثم أمّر أبا بكر على تلك الحجَّة (٢)، قال معمر: قال الزهري: وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمر أبا هريرة أن يؤذِّن ببراءة في حجة أبي بكر، قال أبو هريرة: ثم أتبعنا النبي عليًا وأمره أن يؤذِّن ببراءة، وأبو بكر على الموسم كما هو أو قال على هيئته (٣). وهذا السياق فيه غرابة من جهة أن أمير الحج كان سنة عمرة الجعرانة إنما هو عتَّاب بن أسيد، فأما أبو بكر إنما كان أميرًا سنة تسع.

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن مغيرة، عن الشعبي، عن مُحرَّر بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله إلى أهل مكة ببراءة فقال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فإن أجله أو مدته إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد عامنا هذا مشرك، قال: فكنت أنادي حتى صَحَل (٤) صوتي (٥). وقال الشعبي: حدثني مُحرَّر بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي بن أبي طالب حين بعثه النبي ينادي، فكان إذا صحل ناديت فقلت: بأي شيء كنتم تنادون؟ قال بأربع، لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد عند رسول الله فعهده إلى مدته، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يحج بعد عامنا هذا مشرك (٦).

رواه ابن جرير من غير وجه عن الشعبي، ورواه شعبة، عن مغيرة، عن الشعبي به، إلا أنه قال: ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى أربعة أشهر وذكر تمام الحديث. قال ابن جرير: وأخشى أن يكون وهمًا من بعض نقلته؛ لأن الأخبار متظاهرة في الأجل بخلافه (٧).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن سماك، عن أنس بن مالك أن رسول الله بعثه ببراءة مع أبي بكر، فلما بلغ ذا الحليفة قال: "لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي" فبعث بها مع علي بن أبي طالب (٨). ورواه الترمذي في التفسير، عن بُندار، عن عفان وعبد الصمد كلاهما عن حماد بن سلمة به، ثم قال: حسن غريب من حديث أنس (٩).


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، كتاب الجزية والموادعة، باب كيف يُنبذ إلى أهل العهد؟ ح ٣١٧٧).
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه دون ذكر أبي هريرة ورجاله ثقات لكنه مرسل.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه وسنده صحيح.
(٤) الصَّحَل: خشونة وغلظة في الصوت.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٣/ ٣٥٦ ح ٧٩٧٧) وحسنه محققوه.
(٦) أخرجه الطبري من طريق قيس عن مغيرة عن الشعبي به. وقيس هذا ابن الربيع ضعيف.
(٧) أخرجه الطبري من طريق عثمان بن عمر عن شعبة به ثم ورد نقد الطبري، وأخرجه الحاكم من طريق سليمان الشيباني عن الشعبي به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٣١).
(٨) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٠/ ٤٣٤ ح ١٣٢١٤)، وضعفه محققوه لنكارة متنه، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كذب (منهاج السنة ٥/ ٦٣).
(٩) السنن، تفسير القرآن، باب من سورة براءة (ح ٣٠٩٠).