للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، وقد رواه ابن عون وقُرَّة عن ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه به.

وقال ابن جرير أيضًا: حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، حدثنا زيد بن حباب، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي، حدثني صدقة بن يسار، عن ابن عمر قال: خطب رسول الله في حجة الوداع بمنى في أوسط أيام التشريق فقال: "أيها الناس إن الزمان قد استدار فهو اليوم كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدَّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم أولهن رجب مضر بين جمادى وشعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم" (١) وروى ابن مردويه من حديث موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مثله أو نحوه (٢).

وقال حماد بن سلمة: حدثني علي بن زيد، عن أبي حُرَّة الرقاشي، عن عمه وكانت له صحبة قال: كنت آخذًا بزمام ناقة رسول الله في أوسط أيام التشريق أذود الناس عنه، فقال رسول الله : "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدَّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم" (٣).

وقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو معاوية عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ قال: محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة (٤).

وقوله في الحديث: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" تقرير منه صلوات الله وسلامه عليه، وتثبيت للأمر على ما جعله الله، في أول الأمر من غير تقديم ولا تأخير، ولا زيادة ولا نقص، ولا نسيء ولا تبديل كما قال في تحريم مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة" وهكذا قال ههنا: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" أي: الأمر اليوم شرعًا كما ابتدع الله ذلك في كتابه يوم خلق السموات والأرض.

وقد قال بعض المفسرين والمتكلمين على هذا الحديث: إن المراد بقوله: "قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" أنه اتفق أن حجَّ رسول الله في تلك السنة في ذي الحجة، وأن العرب قد كانت نسأت النسيء يحجون في كثير من السنين بل أكثرها في غير ذي الحجة، وزعموا أن حجة الصدِّيق في سنة تسع كانت في ذي القعدة.

وفي هذا نظر كما سنبينه إذا تكلمنا عن النسيء وأغرب منه ما رواه الطبراني عن بعض السلف في جملة حديث أنه اتفق حج المسلمين واليهود والنصارى في يوم واحد وهو يوم النحر عام حجة الوداع والله أعلم.


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة الربذي، ويشهد له الحديث السابق المتفق عليه.
(٢) سنده كسابقه.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٣٤/ ٢٩٩ - ٣٠١ ح ٢٠٦٩٥)، وقال محققوه: صحيح لغيره. أي: بالشواهد لأن علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف.
(٤) سنده ضعيف لضعف الكلبي ويشهد له حديث أبي بكرة المتقدم تخريجه في الصحيحين.