للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمود بن عبد الرحمن الأصبهاني (ت ٧٤٩ هـ)، وغيرهم كثير، وقد سرد ذكرهم في البداية والنهاية حسب تاريخ وفياتهم. إضافة إلى أولئك فقد رافق جمعًا من الفقهاء في رحلته إلى الحج (١)، ولا شك أن هذه الرحلة زادته اطلاعًا على الفتاوى وخصوصًا ما يخص المناسك.

إن هذه المسيرة والمصابرة في طلب العلم والجثو على الركب بين أيدي العلماء الأكابر أعطى الحافظ ابن كثير علمًا غزيرًا، وفهمًا كبيرًا، وعلومًا كريمة، وفهومًا حكيمة جعلته يتربع الكراسي العلمية في أشهر جوامع الشام كالجامع الأموي، وجامع تنكز، ومسجد ابن هشام، كما قام بالتدريس في المدرسة النجيبية والعزية والنورية، ثم بلغ مرتبة كبار النقاد الحفاظ إذ تولى مشيخة أُم الصالح والمشيخة التنكزية بعد الإمام الحافظ الذهبي (٢).

وتتجلى جوانب أخرى من شخصية الحافظ ابن كثير بالنظر في إنتاجه العلمي من المصنفات المتميزة في موضوعاتها النافعة، ومنهجيتها البارعة، ومحتوياتها الماتعة، وموسوعيتها الجامعة، وعلى سبيل المثال في تفسيره نرى القيمة العلمية العالية، وكذا بقية كتبه فكتابه جامع المسانيد حاول فيه جمع حديث الرسول ، وكتابه البداية النهاية أرخ فيه من بدء الخلق إلى زمانه ويعتبر من التواريخ المعتمدة والمعتبرة في منهجه وموسوعته وقوة مصادره وسهولة أسلوبه، إن هذا الإنتاج الكثير والتنوع المنير ذاع صيته في الآفاق وكثر قصاده حتى بلغت كتبه بلاد خراسان وتبريز وقصده طلاب العلم من تلك البلاد (٣)، وهذا ينطق ويفصح عن مقام مؤلفه العلمي ويظهر مكانته المرموقة.

وإذا تفحصنا مؤلفات الحافظ ابن كثير نراها ذات طابع موسوعي في كثير من مؤلفاته كالتفسير، والسيرة النبوية، وجامع المسانيد، والبداية والنهاية، وطبقات الفقهاء الشافعيين وغيرها، ولقد أدرك الحافظ خطورة الهجوم على العلوم بتدمير وإحراق وإغراق الكتب، كهجوم التتار والحملات الصليبية والخلافات المذهبية، لذا انبرى لحفظ الكثير من الكتب في بطون تلك الموسوعات النفيسة.

أما عن عدد مؤلفات الحافظ ابن كثير فقد أحصاها ووصفها فضيلة الدكتور محمد بن عبد الله بن صالح الفالح فلا داعي لسردها وقد ذكر (٦٩) مؤلفًا (٤).


(١) ينظر: "البداية والنهاية" (١٤/ ١٥٤).
(٢) ينظر: "ذيل تذكرة الحفاظ" (ص ٥٨، ٥٩).
(٣) ينظر: "البداية والنهاية" (١٤/ ٢٩٤).
(٤) "حياة ابن كثير وكتابه تفسير القرآن العظيم" (ص ٤٠ - ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>