للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في أشرف شهور السنة، وهو رمضان، فكمل من كل الوجوه، ولهذا قال تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ﴾ بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن.

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير: حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، حدثنا حكّام الرازي، عن أيوب، عن عمرو هو ابن قيس الملائي، عن ابن عباس قال: قالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا؟ فنزلت: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾، ورواه من وجه آخر عن عمرو بن قيس مرسلًا (١).

وقال أيضًا: حدثنا محمد بن سعيد العطار، حدثنا عمرو بن محمد، أنبأنا خالد الصفار، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: أنزل على النبي القرآن. قال: فتلاه عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا؟ فأنزل الله ﷿: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١)﴾ إلى قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ثم تلاه عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا، فأنزل الله ﷿: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ. . .﴾ الآية [لزمر: ٢٣] وذكر الحديث، ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن راهويه عن عمرو بن محمد القرشي المنقري به (٢).

وروى ابن جرير بسنده عن المسعودي، عن عون بن عبد الله قال: ملَّ أصحاب رسول الله ملَّة فقالوا: يا رسول الله حدثنا، فأنزل الله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: ٢٣] ثم ملوا ملة أخرى، فقالوا: يا رسول الله حدثنا فوق الحديث، ودون القرآن يعنون القصص، فأنزل الله ﷿: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ الآية، فأرادوا الحديث، فدلَّهم على أحسن الحديث، وأرادوا القصص فدلَّهم على أحسن القصص (٣).

ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة المشتملة على مدح القرآن، وأنه كافٍ عن كل ما سواه من الكتب ما رواه الإمام أحمد: حدثنا سُريج بن النعمان، أنبأنا هُشيم، أنبأنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي . قال: فغضب، وقال: "أمتهوّكون (٤) فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه، أو بباطل فتصدقونه، والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتبعني" (٥).


(١) أخرجه الطبري بطريقيه وكلاهما ضعيف، فالأول فيه أيوب وهو ابن سيار الزهري وهو ضعيف (لسان الميزان ١/ ٤٨٢)، والطريق الثاني ضعيف لأنه مرسل، وكلا الطريقين لهما شاهد كما يلي.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وكذا ابن أبي حاتم سندًا ومتنًا مختصرًا، وأخرجه إسحاق بن راهويه عن عمرو بن محمد به، وحسنه الحافظ ابن حجر (إتحاف الخيرة ١/ ٢٣٨ ح ١٦٢)، وأخرجه الحاكم من طريق إسحاق بن راهويه به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٤٥)، ومن الطريق نفسه أخرجه الضياء المقدسي (المختارة ٣/ ٢٦٥ ح ١٠٦٩) وحسنه محققه.
(٣) أخرجه الطبري عن ابن وكيع عن أبيه عن المسعودي به، وسنده ضعيف لضعف ابن وكيع وهو سفيان، ولأن عون أرسله، وعون هو ابن عبد الله بن عتبة، ويشهد لبعضه سابقه.
(٤) التهوك: الوقوع في الأمر من غير روية.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٢٣/ ٣٤٩ ح ١٥١٥٦)، وضعف سنده محققوه لضعف مجالد وهو =