للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة أنه قال: الحفدة من خدمك من ولدك وولد ولدك (١).

قال الضحاك: إنما كانت العرب تخدمها بنوها (٢).

وقال العوفي، عن ابن عباس قوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ يقول: بنو امرأة الرجل ليسوا منه (٣)، ويقال: الحفدة الرجل يعمل بين يدي الرجل. يقال: فلان يحفد لنا أي: يعمل لنا، قال: وزعم رجال أن الحفدة أختان الرجل، وهذا الأخير الذي ذكره ابن عباس، قاله ابن مسعود ومسروق وأبو الضحى وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومجاهد والقرظي (٤)، ورواه عكرمة عن ابن عباس، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هم الأصهار (٥).

قال ابن جرير: وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى الحفدة، وهو الخدمة الذي منه قوله في القنوت: وإليك نسعى ونحفد (٦) (٧)، ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار، فالنعمة حاصلة بهذا كله، ولهذا قال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ قلت: فمن جعل ﴿وَحَفَدَةً﴾ متعلقًا بأزواجكم، فلا بدّ أن يكون المراد الأولاد وأولاد الأولاد والأصهار، لأنهم أزواج البنات أو أولاد الزوجة، كما قاله الشعبي والضحاك، فإنهم يكونون غالبًا تحت كنف الرجل وفي حجره وفي خدمته، وقد يكون هذا هو المراد من قوله في حديث نضرة بن أكثم "والولد عبد لك" رواه أبو داود (٨). وأما من جعل الحفدة الخدم، فعنده أنه معطوف على قوله: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ أي: جعل لكم الأزواج والأولاد خدمًا.

وقوله: ﴿وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ أي: من المطاعم والمشارب. ثم قال تعالى منكرًا على من أشرك في عبادة المنعم غيره: ﴿أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ﴾ وهم الأنداد والأصنام ﴿وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ أي: يسترون نعم الله عليهم ويضيفونها إلى غيره.

وفي الحديث الصحيح: "إن الله يقول للعبد يوم القيامة ممتنًا عليه: ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتَربع؟ " (٩).


(١) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية به، ويتقوى بما يليه
(٤) قول ابن مسعود أخرجه الطبري بسند حسن من طريق زرٍّ عنه، وقول أبي الضحى أخرجه الطبري بسند حسن من طريق الأعمش عنه وقول سعيد بن جبير أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عطاء بن السائب عنه، وقول إبراهيم النخعي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق مغيرة عنه.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) أخرجه ابن خزيمة عن عمر عن أُبي بن كعب مطولًا، وصححه الألباني (صحيح ابن خزيمة ٢/ ١٥٥ ح ١١٠٠).
(٧) ذكره الطبري بنحوه.
(٨) أخرجه أبو داود من حديث صحابي من الأنصار (السنن، النكاح، باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى ح ٢١٣١) وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (ح ٤٦٥).
(٩) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مطولًا (الصحيح، كتاب الزهد والرقائق ح ٢٩٦٨).