للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهشيم، عن عوف عنه به (١)، وسعيد عن قتادة عنه كذلك (٢).

قول آخر: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ قال: أهل الكتاب يخافتون ثم يجهر أحدهم بالحرف، فيصيح به ويصيحون هم به وراءه، فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يخافت كما يخافت القوم، ثم كان السبيل الذي بين ذلك الذي سنَّ له جبريل من الصلاة (٣).

وقوله: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ لمَّا أثبت تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى نزَّه نفسه عن النقائض فقال: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ بل هو الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾ أي: ليس بذليل فيحتاج إلى أن يكون له وليّ أو وزير أو مشير، بل هو تعالى خالق الأشياء وحده لا شريك له، ومدبرها ومقدرها وحده لا شريك له.

قال مجاهد في قوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾ لم يخالف أحدًا ولا يبتغي نصر أحد (٤). ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ أي: عظمه وأجلّه عما يقول الظالمون المعتدون علوًا كبيرًا.

قال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ الآية، قال: إن اليهود والنصارى يقولون: اتخذ الله ولدًا، وقالت العرب: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، وقال الصابئون (٥) والمجوس (٦): لولا أولياء الله لذل، فأنزل الله هذه الآية: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)(٧).

وقال أيضًا: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة ذُكر لنا أن النبي كان يعلم أهله هذه الآية ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ الصغير من أهله والكبير (٨).

قلت: وقد جاء في حديث أن رسول الله سمّى هذه الآية آية العزّ (٩)، وفي بعض الآثار أنها ما قرئت في بيت في ليلة فيصيبه سرق أو آفة، والله أعلم.


(١) أخرجه الطبري من طريق هشيم به، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة، وسنده صحيح.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن مع تقديم وتأخير، لكنه معضل لأن عبد الرحمن تابع تابعي.
(٤) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) الصابئة: صبأ الرجل إذا مال وزاغ، فبحكم ميل هؤلاء عن سنن الحق قيل لهم الصابئة (الملل والنحل ٢/ ٥).
(٦) المجوس: هم الذين يقولون بالأصلين: وهما النور والظلمة، يزعمون أن الخير من فعل النور، والشر من فعل الظلمة (الملل والنحل ١/ ٢٣٠).
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، ورجالة ثقات لكنه مرسل.
(٩) أخرجه الإمام أحمد بسند ضعيف عن معاذ بن أنس الجهني (المسند ٣/ ٤٣٩) في سنده ابن لهيعة وزبان بن فائد.