للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روى ابن جرير أثرًا أن هذه الآية نزلت في هجرة عبد الرحمن بن عوف (١)، وهو خطأ، فإن هذه السورة بكمالها مكية لم ينزل منها شيء بعد الهجرة، ولم يصح سند ذلك، والله أعلم.

وقوله: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ﴾ يعني: القرآن ﴿بِلِسَانِكَ﴾ أي: يا محمد، وهو اللسان العربي المبين الفصيح الكامل ﴿لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ﴾ أي: المستجيبين لله، المصدقين لرسوله، ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ أي: عوجًا عن الحق مائلين إلى الباطل.

وقالى ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ لا يستقيمون (٢).

وقال الثوري، عن إسماعيل - وهو السدي - عن أبي صالح: ﴿وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ عوجًا عن الحق (٣).

وقال الضحاك: الألد الخصم (٤).

وقال القرظي: الألد الكذاب.

وقال الحسن البصري: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ صمًّا (٥)، وقال غيره: ثم آذان القلوب.

وقال قتادة: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ يعني: قريشًا (٦).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ فجارًا (٧)، وكذا روى ليث بن أبي سليم، عن مجاهد (٨).

وقال ابن زيد: الألد: الظلوم، وقرأ قوله تعالى: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [البقرة: ٢٠٤] (٩).

وقوله: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ أي: من أمة كفروا بآيات الله وكذبوا رسله ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾ أي: هل ترى منهم أحدًا أو تسمع لهم ركزًا.

وقال ابن عباس وأبو العالية وعكرمة والحسن البصري وسعيد بن جبير والضحاك وابن زيد: يعني صوتًا (١٠).

وقال الحسن وقتادة: هل ترى عينًا أو تسمع صوتًا (١١)؟، والركز في أصل اللغة هو: الصوت الخفي.


(١) أخرجه الطبري من طريق أبي عبيدة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، وضعفه الحافظ ابن كثير سندًا ومتنًا.
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) سنده حسن.
(٤) أخرجه البستي بسند ضعيف من طريق جويبر عن الضحاك.
(٥) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم، والذي أخرجه الطبري بسند صحيح بلفظ: "جدلًا بالباطل".
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس بلفظ: "ظلمة".
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ليث به.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(١٠) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول الضحاك أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه، وقول ابن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه.
(١١) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.