للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صالح ولم يرضَ بعبادة من عبده، وعول ابن جرير في تفسيره في الجواب على أن ﴿مَا﴾ لما لا يعقل عند العرب، وقد أسلم عبد الله بن الزبعري بعد ذلك، وكان من الشعراء المشهورين، وقد كان يهاجي المسلمين أولًا ثم قال معتذرًا:

يا رسول المليك إن لساني … رائق ما فتقت إذ أنا بور

إذ أجاري الشيطان في سنن الغي … ومن مال ميله مثبور (١)

وقوله: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ قيل: المراد بذلك: الموت، رواه عبد الرزاق عن يحيى بن ربيعة، عن عطاء. وقيل: المراد بالفزع الأكبر: النفخة في الصور، قاله العوفي عن ابن عباس (٢)، وأبو سنان سعيد بن سنان الشيباني، واختاره ابن جرير في تفسيره، وقيل: حين يؤمر بالعبد إلى النار، قاله الحسن البصري (٣)، وقيل: حين تطبق النار على أهلها، قاله سعيد بن جبير وابن جريج (٤)، وقيل: حين يذبح الموت بين الجنة والنار، قاله أبو بكر الهذلي (٥) فيما رواه ابن أبي حاتم عنه، وقوله: ﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ يعني: تقول لهم الملائكة تبشرهم يوم معادهم إذا خرجوا من قبورهم: ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ أي: فأملوا ما يسركم.

﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)﴾.

يقول تعالى: هذا [كائن] (٦) يوم القيامة ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)[الزمر].

وقد قال البخاري: حدثنا مقدم بن محمد، حدثني عمىِ: القاسم بن يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله قال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السماوات بيمينه" انفرد به من هذا الوجه البخاري (٧).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي الواصل، عن أبي المليح الأزدي، عن أبي الجوزاء الأزدي، عن ابن عباس قال: يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة يطوي


(١) استشهد به ابن هشام (السيرة النبوية ٢/ ٤١٩).
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن رجل مبهم عن الحسن.
(٤) قول سعيد بن جبير أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عطاء بن السائب عنه، وقول ابن جريج أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين، وهو ابن داود: ضعيف.
(٥) أخرجه البستي بسند صحيح من طريق سفيان بن عيينة عن أبي بكر الهذلي.
(٦) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحفت إلى: "كان".
(٧) أخرجه البخاري بسنده بنحوه (الصحيح، التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] ح ٧٤١٢).