للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصالحون (١).

وقال مجاهد، عن ابن عباس ﴿أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ قال: أرض الجنة (٢)، وكذا قال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وقتادة والسدي وأبو صالح والربيع بن أنس والثوري (٣).

وقال أبو الدرداء: نحن الصالحون (٤).

وقال السدي: هم المؤمنون.

وقوله: ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦)﴾ أي: إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد لبلاغًا: لمنفعةً وكفايةً لقوم عابدين، وهم الذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه، وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان، وشهوات أنفسهم.

وقوله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾ يخبر تعالى أن الله جعل محمدًا رحمة للعالمين؛ أي أرسله رحمةً لهم كلهم فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردَّها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩)[إبراهيم] وقال تعالى في صفة القرآن: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٤].

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا مروان الفزاري، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله ادع على المشركين. قال: "إني لم أبعث لعّانًا، وإنما بعثت رحمة" انفرد بإخراجه مسلم (٥).

وفي الحديث الآخر: "إنما أنا رحمة مهداة" رواه عبد الله بن أبي عرابة وغيره، عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعًا. قال إبراهيم الحربي: وقد رواه غيره عن وكيع، فلم يذكر أبا هريرة (٦). وكذا قال البخاري وقد سئل عن هذا الحديث، فقال: كان عند حفص بن غياث مرسلًا.


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٢) أخرجه الطبري من طريق أبي يحيى القتات عن مجاهد به، وفي سنده أبي يحيى: لين الحديث (التقريب ص ٦٨٦)، ويشهد له الآثار التالية.
(٣) قول أبي العالية أخرجه الطبري بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
(٤) أخرجه البخاري من طريق ميسرة مولى فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء (التاريخ الكبير ٧/ ٣٧٥ - ٣٧٦) هكذا ذكر معلقًا.
(٥) صحيح مسلم، البر والصلة، باب النهي عن لعن الدواب (ح ٢٥٩٩).
(٦) أخرجه أبو الحسن السكري من طريق عبد الله بن أبي عرابة به، في الفوائد المنتقاة كما ذكر الألباني وصححه (السلسلة الصحيحة ح ٤٩٠)، وأخرجه البيهقي من طريق وكيع به بدون ذكر أبي هريرة (دلائل النبوة ١/ ١٥٧)، ونسبه الهيثمي إلى البزار وقال: ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٨/ ٢٥٧)، وصححه السيوطي في الجامع الصغير ١/ ٣٤٨.