للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثه أنه بلغه أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وإنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)(١).

﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)﴾.

يخبر تعالى عن هول يوم القيامة وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق السماء وتفطرها، وانفراجها بالغمام وهو ظل النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونزول ملائكة السماوات يومئذٍ فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر، ثم يجيء الرب لفصل القضاء. قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٢١٠)(٢) [البقرة].

قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، حدثنا مؤمل، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس أنه قرأ هذه الآية: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)﴾ قال ابن عباس يجمع الله تعالى الخلق يوم القيامة في صعيد واحد: الجنّ والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق، فتنشق السماء الدنيا، فينزل أهلها وهم أكثر من الجنّ والإنس ومن جميع الخلق، فيحيطون بالجنّ والإنس وجميع الخلق، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجنّ والإنس وجميع الخلق، ثم تنشق السماء الثالثة فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الثانية والسماء الدنيا ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم وبالجنّ والإنس وجميع الخلق، ثم تنشق السماء الثالثة فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الثانية والسماء الدنيا ومن جميع الخلق فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم وبالجنّ والإنس وجميع الخلق، ثم كذلك كل سماء على ذلك التضعيف، حتى تنشق السماء السابعة فينزل أهلها وهم أكثر ممن نزل قبلهم من أهل السماوات ومن الجنّ والإنس ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم من أهل السماوات وبالجنّ والإنس وجميع الخلق كلهم، وينزل ربنا ﷿ في ظلل من الغمام وحوله الكروبيون (٣) وهم أكثر من أهل السماوات السبع ومن الجنّ والإنس وجميع الخلق، لهم قرون كأكعب القنا (٤)، وهم تحت العرش لهم زجل (٥) بالتسبيح والتهليل والتقديس لله ﷿، ما بين أخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام، وما بين


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن الصواف رواه بلاغًا.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن مجاهد، وهو لم يسمع من مجاهد.
(٣) أي: سادة الملائكة (ينظر: النهاية ٤/ ١٦١).
(٤) أكعب القنا: جمع قناة وهي الرمح (النهاية ٤/ ١٦١).
(٥) أي: الصوت المرتفع (ينظر: النهاية ٢/ ٢٩٧).