للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

موقوف على عبد الله بن عمرو من كلامه، ولعله من الزاملتين (١)، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)﴾، كما قال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار﴾ [غافر: ١٦].

وفي الصحيح أن الله تعالى يطوي السماوات بيمينه، ويأخذ الأرضين بيده الأخرى، ثم يقول: أنا الملك أنا الديَّان، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون، أين المتكبرون (٢)؟

وقوله: ﴿وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾؛ أي: شديدًا صعبًا، لأنه يوم عدل وقضاء فصل، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)[المدثر]، فهذا حال الكافرين في هذا اليوم، وأما المؤمنون فكما قال تعالى: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)[الأنبياء].

وروى الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري قال: قيل يا رسول الله ﴿يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله : "والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا" (٣).

وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)﴾، يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول ، وما جاء به من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقًا أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم، وعضَّ على يديه حسرة وأسفًا.

وسواء كان سبب نزولها في عُقبة بن أبي مُعَيط (٤) أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (٦٨)[الأحزاب]، فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، ويعض على يديه قائلًا: ﴿يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧)

﴿يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨)﴾ يعني: من صرفه عن الهدى وعدل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة، وسواء في ذلك أمية بنن خلف أو أخوه أبي بن خلف أو غيرهما،

﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ﴾ وهو القرآن ﴿بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾؛ أي: بعد بلوغه إليّ، قال الله تعالى: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾؛ أي: يخذله عن الحق ويصرفه عنه، ويستعمله في الباطل ويدعوه إليه.


(١) أي: الزاملتين التي حصل عليهما عبد الله بن عمرو في غزوة اليرموك وفيها كتب من أهل الكتاب.
(٢) أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر ، (الصحيح، صفات المنافقين، باب صفة القيامة والجنة والنار ح ٢٧٨٨).
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٨/ ٢٤٦ ح ١١٧١٧) وضعف سنده محققوه.
(٤) وردت في هذا السبب مراسيل صحيحة يقوي بعضها بعضًا أخرجها ابن أبي حاتم عن مجاهد وقتادة وعمرو بن ميمون.