للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والضحاك والحسن وقتادة والسدي وغيرهم: هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (١).

﴿وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا﴾ أي: دائمًا لا يزول، كما قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدً﴾ الآيات [القصص: ٧١ - ٧٢].

وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾؛ أي: لولا أن الشمس تطلع عليه لما عرف، فإن الضدَّ لا يعرف إلا بضدِّه.

وقال قتادة والسدي: دليلًا تتلوه وتتبعه حتى تأتي عليه كله (٢).

وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (٤٦)﴾؛ أي: الظل. وقيل: الشمس ﴿يَسِيرًا﴾؛ أي: سهلًا.

قال ابن عباس: سريعًا (٣).

وقال مجاهد: خفيًا (٤).

وقال السدي: قبضًا خفيًا حتى لا يبقى في الأرض ظل إلا تحت سقف أو تحت شجرة، وقد أظلت الشمس ما فوقه (٥).

وقال أيوب بن موسى في الآية ﴿قَبْضًا يَسِيرًا﴾: قليلًا قليلًا (٦).

وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾؛ أي: يلبس الوجود ويغشاه، كما قال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)[الليل]، وقال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (٤)[الشمس].

﴿وَالنَّوْمَ سُبَاتًا﴾؛ أي: قاطعًا للحركة لراحة الأبدان، فإن الأعضاء والجوارح تكلُّ من كثرة الحركة في الانتشار بالنهار في المعاش، فإذا جاء الليل وسكن، سكنت الحركات فاستراحت، فحصل النوم الذي فيه راحة البدن والروح معًا ﴿وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا﴾؛ أي: ينتشر الناس فيه لمعايشهم ومكاسبهم وأسبابهم، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣)[القصص].

﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (٤٩) وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (٥٠)﴾.

وهذا أيضًا من قدرته التامة وسلطانه العظيم، وهو أنه تعالى يرسل الرياح مبشرات؛ أي:


(١) قول ابن عباس أخرجه البخاري تعليقًا (الصحيح، التفسير، سورة الفرقان قبل حديث رقم ٤٧٦٠)، ووصله الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبقية المذكورين من الصحابة والتابعين ذكرهم ابن أبي حاتم كلهم بحذف السند.
(٢) قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول السدي أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أسباط عنه.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق عبد العزيز بن رفيع عن مجاهد.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أسباط عن السدي.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق مسلم بن خالد الزنجي عن أيوب بن موسى.