للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الضحاك ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨)﴾ أي من فراشك أو مجلسك (١).

وقال قتادة: ﴿الَّذِي يَرَاكَ﴾ قائمًا وجالسًا وعلى حالاتك (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)﴾ قال قتادة: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)﴾ قال: في الصلاة يراك وحدك، ويراك في الجمع (٣)، وهذا قول عكرمة وعطاء الخراساني والحسن البصري (٤).

وقال مجاهد: كان رسول الله يرى من خلفه كما يرى من أمامه (٥)، ويشهد لهذا ما صحَّ في الحديث: "سوّوا صفوفكم فإنّي أراكم من وراء ظهري" (٦).

وروى البزار وابن أبي حاتم من طريقين عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: يعني تقلبه من صلب نبي إلى صلب نبي حتى أخرجه نبيًا (٧).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠)﴾؛ أي: السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وسكناتهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: ٦١].

﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)﴾.

يقول تعالى مخاطبًا لمن زعم من المشركين أن ما جاء به الرسول ليس بحق، وأنه شيء افتعله من تلقاء نفسه، أو أنه أتاه به رئي من الجان، فنزه الله جناب رسوله عن قولهم وافترائهم، ونبه أن ما جاء به إنما هو من عند الله، وأنه تنزيله ووحيه، نزل به ملك كريم أمين عظيم، وأنه ليس من قبل الشياطين، فإنهم ليس لهم رغبة في مثل هذا القرآن العظيم وإنما ينزلون على من يشاكلهم ويشابههم من الكهان الكذبة، ولهذا قال الله تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ﴾؛ أي: أخبركم ﴿عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١)

﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾؛ أي: كذوب في قوله وهو الأفاك ﴿أَثِيمٍ﴾ وهو الفاجر في أفعاله. فهذا هو الذي تنزل عليه الشياطين من الكهان، وما جرى مجراهم من الكذبة الفسقة، فإن الشياطين أيضًا كَذَبة فَسقَة

﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾؛ أي: يسترقون السمع


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق جويبر عن الضحاك.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق شيبان عن قتادة.
(٤) قول عكرمة أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سفيان الثوري عن أبيه عنه، وقول عطاء الخراساني أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه، وقول الحسن أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق كلثوم بن جبر عن الحسن.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه الشيخان من حديث أنس (صحيح البخاري، الأذان، باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف ح ٧٢٣)، وصحيح مسلم، الصلاة، باب تسوية الصفوف (ح ١٢٥).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عكرمة عن ابن عباس.