للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبادة الله وحده لا شريك له ﴿فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ قال مجاهد: مؤمن وكافر كقوله تعالى: ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ﴾؟ ﴿قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٧٦)[الأعراف].

﴿قَالَ يَاقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ﴾؛ أي: لم تدعون بحضور العذاب ولا تطلبون من الله رحمته ولهذا قال: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾؛ أي: ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرًا، وذلك أنهم لشقائهم كان لا يصيب أحدًا منهم سوء إلا قال: هذا من قبل صالح وأصحابه.

قال مجاهد: تشاءموا بهم (١).

وهذا كما قال الله تعالي إخبارًا عن قوم فرعون: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٣١]؛ الآية. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٨]؛ أي: بقضائه وقدره،

وقال تعالى مخبرًا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون: ﴿قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾ الآية [يس: ١٨ - ١٩]، وقال هؤلاء: ﴿اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾؛ أي: الله يجازيكم على ذلك ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾.

قال قتادة: تبتلون بالطاعة والمعصية (٢).

والظاهر أن المراد بقوله: ﴿تُفْتَنُونَ﴾؛ أي: تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال.

﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (٤٨) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٣)﴾.

يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر وتكذيب صالح، وآلَ بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة وهموا بقتل صالح أيضًا، بأن يبيتوه في أهله ليلًا فيقتلوه غيلة، ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه: إنهم ما علموا بشيء من أمره، وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به من أنهم لم يشاهدوا ذلك فقال تعالى: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ﴾؛ أي: مدينة ثمود ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾؛ أي: تسعة نفر ﴿يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود، لأنهم كانوا كبراءهم ورؤساءهم.


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.