للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لمجاورتكم في بلادكم فعزموا على ذلك، فدمر الله عليهم وللكافرين أمثالها،

قال الله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧)﴾ أي: من الهالكين مع قومها، لأنها كانت ردءًا لهم على دينهم وعلى طريقتهم، في رضاها بأفعالهم القبيحة، فكانت تدل قومها على ضيفان لوط ليأتوا إليهم، لا أنها كانت تفعل الفواحش تكرمة لنبي الله صلوات الله وسلامه عليه لا كرامة لها.

وقوله تعالى: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا﴾؛ أي: حجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ولهذا قال: ﴿فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾؛ أي: الذين قامت عليهم الحجة، ووصل إليه الإنذار فخالفوا الرسول وكذبوه وهموا بإخراجه من بينهم.

﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠)﴾.

يقول تعالى آمرا رسوله أن يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾؛ أي: على نعمه على عباده من النعم التي لا تعد ولا تحصى وعلى ما اتصف به من الصفات العلى والأسماء الحسنى، وأن يسلم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم وهم رسله وأنبياؤه الكرام، عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام، وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره: إن المراد بعباده الذين اصطفى، هم الأنبياء (١)، قال: وهو كقوله: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٢)[الصافات].

وقال الثوري والسدي: هم أصحاب محمد ورضي عنهم أجمعين (٢)، وروي نحوه عن ابن عباس أيضًا (٣)، ولا منافاة فإنهم إذا كانوا من عباد الله الذين اصطفى فالأنبياء بطريق الأولى والأحرى. والقصد أن الله تعالى أمر رسوله ومن اتبعه بعد ذكره لهم ما فعل بأوليائه من النجاة والنصر والتأييد وما أحلَّ بأعدائه من الخزي والنكال والقهر، أن يحمدوه على جميع أفعاله، وأن يسلموا على عباده المصطفين الأخيار.

وقد قال أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي -إن شاء الله-، عن أبي مالك، عن ابن عباس ﴿وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ قال: هم أصحاب محمد اصطفاهم الله لنبيه (٤).

وقوله تعالى: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ استفهام إنكار على المشركين في عبادتهم مع الله آلهة


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق أصبغ عن عبد الرحمن.
(٢) قول الثوري أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن المبارك عنه، وقول السدي ذكره ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف جدًا بسبب الحكم بن ظهير وهو متروك الحديث كما في التقريب.
(٤) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٢٢٤٣)، وسنده كسابقه ينظر: (مجمع الزوائد ٧/ ٨٧).