للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأعمش، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة وهو: ابن عمرو بن جرير أنه قال ذلك من كلامه (١)، والله أعلم.

وقال مقاتل بن حيان: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا﴾ أمتك في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت (٢).

وقال قتادة: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا﴾ موسى (٣). وهذا -والله أعلم- أشبه بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ﴾ ثم أخبر ههنا بصيغة أخرى أخصّ في ذلك وهو النداء، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ [الشعراء: ١٠]، وقال تعالى: ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦)[النازعات]، وقال تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)[مريم].

وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ أي: ما كنت مشاهدًا لشيء من ذلك، ولكن الله تعالى أوحاه إليك وأخبرك به رحمة منه بك والعباد وبإرسالك إليهم ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: لعلهم يهتدون بما جئتهم به من الله ﷿

﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾ الآية، أي: وأرسلناك إليهم لتقيم عليهم الحجة، ولينقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بكفرهم، فيحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير، كما قال تعالى بعد ذكره إنزال كتابه المبارك وهو القرآن ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)[الأنعام]، وقال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥] وقال تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)[المائدة]، والآيات في هذا كثيرة.

﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن القوم الذين لو عذبهم قبل قيام الحجة عليهم، لاحتجوا بأنهم لم


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وحكمه كسابقه.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق صالح بن سعيد عن مقاتل بن حيان، وصالح قال عنه ابن أبي حاتم: شيخ (الجرح والتعديل ٤/ ٤٠٤).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.