للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المسلمون؛ قال مالك: المنافق في عهد رسول الله هو الزنديق اليوم.

قلت: وقد اختلف العلماء في قتل الزنديق إذا أظهر الكفر؛ هل يستتاب أم لا؟ أو يفرق بين أن يكون داعيةً أم لا؟ أو يتكرر منه ارتداده أم لا؟ أو يكون إسلامه ورجوعه من تلقاء نفسه، أو بعد أن ظهر عليه؟ على أقوال متعددة، موضع بسطها وتقريرها وعزوها "كتاب الأحكام".

تنبيه: قول من قال: كان عليه (الصلاة) (١) والسلام يعلم أعيان بعض المنافقين إنما مستنده حديث (٢) حذيفة بن اليمان في تسمية] (٣). [أولئك الأربعة عشر منافقًا في غزوة تبوك الذين هموا أن يفتكوا برسول الله في ظلماء الليل عند عقبة (هنالك) (٤) عزموا على أن ينفروا به الناقة ليسقط عنها؛ فأوحى (الله) (٥) إليه أمرهم (وأطلع) (٦) على ذلك حذيفة. ولعلَّ الكف عن قتلهم كان لمدرك من هذه المدارك أو لغيرها. واللّه أعلم.

فأما غير هؤلاء فقد قال الله (تعالى) (٥): ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة: ١٠١].

وقال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١)[الأحزاب: ٦٠، ٦١] ففيها دليل على أنه لم يغر بهم، ولم (يدل) (٧) على أعيانهم؛ وإنما كان يذكر له صفاتهم فيتوسمها في بعضهم، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠].

وقد كان من أشهرهم بالنفاق عبد الله بن أُبي بن سلول، وقد شهد عليه زيد بن أرقم بذلك الكلام الذي سبق في صفات المنافقين، ومع هذا] (٣). [لما مات صلى عليه رسول الله وشهد دفنه كما يفعل ببقية المسلمين وقد عاتبه عمر بن الخطاب () (٨) فيه، فقال: "إني أكره أن تتحدث العرب أن محمدًا يقتل أصحابه" (٩).

وفي رواية في "الصحيح" (١٠): "إني خيرت فاخترت". وفي رواية (١٠): "لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت"] (١١).


(١) من (ن).
(٢) أخرجه مسلم (٢٧٧٩/ ٩ - ١١).
(٣) ساقط من (ز).
(٤) في (ن): "هناك".
(٥) من (ن).
(٦) في (ن): "فاطلع".
(٧) في (ن): "يدرك"!
(٨) من (ن).
(٩) لم يقل النَّبِيّ هذا الكلام في هذا الموضع، فلعل قلم المصنف سبقه، وقد مرت مناسبة هذا الحديث منذ قليل. والله أعلم.
(١٠) يعني: "صحيح البخاري" وقد رواه في "الجنائز" (٣/ ٢٢٨)؛ وفي "التفسير" (٨/ ٣٣٣).
(١١) ساقط من (ز).