للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أنه لم يكن نبيًا، وإنما ينقل كونه نبيًا عن عكرمة إن صحَّ السند إليه، فإنه رواه ابن جرير وقال ابن أبي حاتم من حديث وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة، قال: كان لقمان نبيًا (١)، وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، والله أعلم.

وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عبد الله بن عياش القتباني، عن عمر مولى غُفرة، قال: وقف رجل على لقمان الحكيم، فقال: أنت لقمان، أنت عبد بني الخشخاس؟ قال: نعم، قال: أنت راعي الغنم؟ قال: نعم، قال: أنت الأسود؟ قال: أما سوادي فظاهر، فما الذي يعجبك من أمري؟ قال: وطء الناس بساطك، وغشيهم بابك، ورضاهم بقولك. قال: يا ابن أخي إن صَغيت إلى ما أقول لك كنت كذلك، قال لقمان: غضّي بصري وكفّي لساني، وعفة طعمتي وحفظي فرجي، وقولي بصدق، ووفائي بعهدي، وتكرمتي ضيفي، وحفظي جاري وتركي ما لا يعنيني، فذاك الذي صيرني إلى ما ترى (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن نفيل، حدثنا عمرو بن واقد، عن عبدة بن رباح، عن ربيعة، عن أبي الدرداء أنه قال يومًا وذكر لقمان الحكيم، فقال: ما أوتي ما أوتي عن أهل ولا مال ولا حسب ولا خصال، ولكنه كان رجلًا صمصامة سكيتًا، طويل التفكر، عميق النظر، لم ينم نهارًا قط، ولم يره أحد قط يبزق ولا يتنخع، ولا يبول ولا يتغوط، ولا يغتسل، ولا يعبث ولا يضحك، وكان لا يعيد منطقًا نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد، وكان قد تزوج وولد أولاد، فماتوا فلم يبك عليهم، وكان يغشى السلطان ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر، فبذلك أوتي ما أوتي (٣).

وقد ورد أثر غريب عن قتادة رواه ابن أبي حاتم فقال: حدثنا أبي، حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي، حدثنا سعيد، عن ابن بشير، عن قتادة قال: خيّر الله لقمان الحكيم بين النبوة والحكمة، فاختار الحكمة على النبوة، قال: فأتاه جبريل وهو نائم، فذر عليه الحكمة، أو رشَّ عليه الحكمة، قال: فأصبح ينطق بها، قال سعيد: فسمعت عن قتادة يقول: قيل للقمان: كيف اخترت الحكمة على النبوة، وقد خيّرك ربك؟ فقال: إنه لو أرسل إلي بالنبوة عزمة لرجوت فيه الفوز منه، ولكنت أرجو أن أقوم بها، ولكنه خيرني فخفت أن أضعف عن النبوة، فكانت الحكمة أحبَّ إلي (٤). فهذا من رواية سعيد بن بشير، وفيه ضعف قد تكلموا فيه بسببه، فالله أعلم، والذي رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ أي: الفقه في الإسلام، ولم يكن نبيًا ولم يوح إليه (٥).

وقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ أي: الفهم والعلم والتعبير ﴿أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾ أي: أمرناه أن


(١) أخرجه الطبري من طريق وكيع به وسنده ضعيف كما قرر الحافظ ابن كثير لضعف جابر بن يزيد الجعفي.
(٢) أخرجه البستي عن أحمد بن عمرو بن سرح عن ابن وهب به، وسنده ضعيف لضعف عبد الله بن عياش (تهذيب التهذيب ٥/ ٣٥١).
(٣) سنده ضعيف جدًا لأن عمرو بن واقد: متروك.
(٤) سنده ضعيف لضعف سعيد بن بشير.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة به.