للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عمر: إنك قد أصبت بالذي فعلت، وقد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي هذا، فألقها في النيل، فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة ففتحها، فإذا فيها: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد، فإنك إن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجري، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك، فنسأل الله أن يجريك. قال: فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعًا في ليلة واحدة، وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم (١). رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي الطبري في كتاب السُّنة له، ولهذا قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧)﴾ كما قال تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)[عبس]، ولهذا قال ههنا: ﴿أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾.

وقال ابن أبي نجيح: عن رجل عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ﴾ قال: هي التي لا تمطر إلا مطرًا لا يغني عنها شيئًا إلا ما يأتيها من السيول (٢).

وعن ابن عباس ومجاهد: هي أرض باليمن (٣).

وقال الحسن : هي قرى بين اليمن والشام (٤).

وقال عكرمة والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد: الأرض الجرز التي لا نبات فيها، وهي مغبرة (٥).

قلت: وهذا كقوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)[يس].

﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن استعجال الكفار ووقوع بأس الله بهم، وحلول غضبه ونقمته عليهم، استبعادًا وتكذيبًا وعنادًا ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ﴾ أي: متى تنصر علينا يا محمد؟ كما تزعم أن لك وقتًا علينا وينتقم لك منا، فمتى يكون هذا؟ ما نراك أنت وأصحابك إلا مختفين خائفين


(١) سنده ضعيف لإبهام شيخ قيس بن حجاج.
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري كلاهما من طريق ابن أبي نجيح به، وسنده ضعيف لإبهام الراوي عن ابن عباس .
(٣) أخرجه البُستي والطبري بسند صحيح من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) قول الحسن عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٥) قول عكرمة والسدي عزاهما السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق جويبر عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "المغْبَّرة".