للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا (علي بن محمد) (١) (الطنافسي) (٢)، حدثنا ابن إدريس، سمعت أبي (يذكر) (٣) عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد اللّه (بن مسعود) (٤): ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ [التحريم: ٨]- قال: على قدر أعمالهم يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، وأدناهم نورًا من نوره في إبهامه يتقد مرةً ويطفأ أخرى (٥).

وقال ابن أبي حاتم (أيضًا) (٦): حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا أبو يحيى الحمَّاني، حدثنا (عتبة) (٧) بن (اليقطان) (٨) عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: ليس أحد من أهل التوحيد إلا يعطى نورًا يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره؛ فالمؤمن مشفق مما يرى من إطفاء نور المنافقين، فهم يقولون: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ (٩) [التحريم: ٨].

وقال الضحاك بن مزاحم: يعطى كل من كان يظهر الإيمان في الدنيا يوم القيامة نورًا؛ فإذا انتهى إلى الصراط طُفئ نور المنافقين، فلما رأى ذلك المؤمنين أشفقوا فقالوا: ﴿رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا﴾ (١٠) [التحريم: ٨].

فإذا تقرر هذا صار الناس أقسامًا: مؤمنون خلص، وهم الموصوفون بالآيات الأربع في أول البقرة. وكفار خلص وهم الموصوفون بالآيتين بعدها. ومنافقون، وهم قسمان: خلص، وهم المضروب لهم المثل الناري، ومنافقون يترددون؛ تارةً يظهر لهم لمع (من) (١١) الإيمان، وتارةً يخبو؛ وهم أصحاب المثل المائي، وهم أخف حالًا من الذين قبلهم.

وهذا المقام يشبه من بعض الوجوه ما ذكر في سورة النور، من ضرب مثل المؤمن، وما جعل اللّه في قلبه من الهدى والنور بالمصباح في الزجاجة التي كأنها كوكب دُري؛ وهي قلب المؤمن المفطور على الإيمان، واستمداده من الشريعة الخالصة الصافية الواصلة إليه من غير كدر ولا تخليط، كما سيأتي تقريره في موضعه (١٢) إن شاء الله.

ثم ضرب مثل العُبَّاد من الكفار الذين يعتقدون أنهم على شيء، وليسوا على شيء، وهم أصحاب الجهل المركب في قوله (تعالى) (١٣): ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ الآية [النور: ٣٩].


= شرط البخاري! وكلا القولين خطأ فليس هو على شرط أحدهما والمنهال بن عمرو من مفاريد البخاري، وقيس بن السكن من مفاريد مسلم، وهو سند جيد. والله أعلم.
(١) في (ن): "محمد بن علي بن محمد" و"محمد" الأولى مقحمةٌ.
(٢) في (ز) و (ل): "الطيالسي" وهو خطأ.
(٣) في (ز): "بكر"!!
(٤) من (ن).
(٥) [سنده حسن].
(٦) من (ز) و (ع) و (ن) و (هـ) و (ي).
(٧) في (هـ): "عقبة" بالقاف، وهو خطأ ظاهر.
(٨) في (ز): "القطان" وهو خطأ أيضًا.
(٩) [سنده ضعيف لضعف عتبة بن يقظان (التقريب ص ٢٣٨١)].
(١٠) [يشهد له سابقه].
(١١) ساقط من (ن).
(١٢) في سورة النور عند الآية [٣٥].
(١٣) من (ن).