للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها - وكان يقول:- وايمُ الله لا يفعل ذلك إلا مؤمن وأدى الأمانة". قالوا: يا أبا الدرداء وما أداء الأمانة؟ قال : الغسل من الجنابة، فإن الله تعالى لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره (١). وهكذا رواه أبو داود عن محمد بن عبد الرحمن العنبري، عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن أبي العوام عمران بن دوار القطان به (٢).

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا تميم بن المنتصر، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي أنه قال: "القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها - أو قال - يكفر كل شيء إلا الأمانة، يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول أنى يا ربِّ وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول: أنَّى يا ربِّ وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال له: أدِّ أمانتك، فيقول: أنَّى يا ربِّ وقد ذهبت الدنيا؟ فيقول: اذهبوا به إلى أُمه الهاوية، فيذهب به إلى الهاوية، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها فيجدها هنالك كهيئتها، فيحملها فيضعها على عاتقه فيصعد بها إلى شفير جهنم، حتى إذا رأى أنه قد خرج زلت قدمه فهوى في أثرها أبد الآبدين" قال: والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم والأمانة في الوضوء، والأمانة في الحديث، وأشد ذلك الودائع، فلقيت البراء فقلت: ألا تسمع ما يقول أخوك عبد الله؟ فقال: صدق.

وقال شريك: وحدثنا عياش العامري، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي بنحوه، ولم يذكر الأمانة في الصلاة وفي كل شيء (٣)، إسناده جيد، ولم يخرجوه.

ومما يتعلق بالأمانة الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السُّنَّة. ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر المجل (٤) كجمر دحرجته على رجلك، تراه منتبرًا (٥) وليس فيه شيء، قال: ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله قال: فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا، حتى يقال للرجل ما أجلده وأظرفه وأعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان، ولقد أتى علي زمان وما أُبالي أيكم بايعت إن كان مسلمًا ليردنَّه علي دينه، وإن كان نصرانيًا أو يهوديًا ليردنَّه على ساعيه (٦)، فأما اليوم فما كنت أبايع منكم إلا فلانًا


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه أبو داود من طريق أبي العوام عمران بن دواد القطان به (السنن، الصلاة، باب المحافظة على وقت الصلوات ح ٤٢٩) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤١٤). وأراه موقوفًا أو مرسلًا عن التابعين وأن الذي رفعه أبو العوام عمران فإنه صدوق يهم (التقريب ص ٤٢٩)، وقد أخرجه الطبراني من طريق عمران به بدون ذكر أبي الدرداء (المعجم الصغير ٢/ ٥) وكذا أخرجه أبو نعيم من طريق عمران به بدون ذكر أبي الدرداء (أخبار أصبهان ٢/ ١٨٩).
(٢) تقدم تخرجه في الرواية السابقة.
(٣) أخرجه الطبري بطريقيه ومتنه، وجوّد سنده الحافظ ابن كثير، لكن في سند شريك وفيه مقال في حفظه.
(٤) أي: أثر العمل بالأشياء الصلبة الخشنة.
(٥) أي: منتفخًا.
(٦) أي: رئيسهم.