للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦)[الروم] ولهذا قال ﷿: ﴿وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾ أي: الحاكم العادل العالم بحقائق الأمور.

وقوله : ﴿قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ﴾ أي: أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أندادًا وصيرتموها له عدلًا ﴿كَلَّا﴾ أي: ليس له نظير ولا نديد ولا شريك ولا عديل. ولهذا قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ اللَّهُ﴾ أي: الواحد الأحد الذي لا شريك له ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي: ذو العزة الذي قد قهر بها كل شيء وغلبت كل شيء، الحكيم في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، وتقدس.

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠)﴾.

يقول تعالى لعبده ورسوله محمد صلى لله عليه وسلم تسليمًا: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ أي: إلا إلى جميع الخلائق من المكلفين كقوله : ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨] ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)[الفرقان].

﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ أي: تبشر من أطاعك بالجنة وتنذر من عصاك بالنار ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ كقوله ﷿: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)[يوسف] ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦].

قال محمد بن كعب في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ يعني إلى الناس عامة (١).

وقال قتادة في هذه الآية: أرسل الله تعالى محمدًا إلى العرب والعجم، فأكرمهم على الله أطوعهم لله ﷿ (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الطهراني، حدثنا حفص بن عمر العدني، حدثنا الحكم يعني ابن أبان، عن عكرمة، قال: سمعت ابن عباس يقول: إن الله تعالى فضل محمدًا على أهل السماء وعلى الأنبياء. قالوا: يا ابن عباس فبم فضله على الأنبياء؟ قال : إن الله تعالى قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤]، وقال للنبي : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، فأرسله الله تعالى إلى الجن والإنس (٣). وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين رفعه عن جابر عنه قال: قال رسول الله : "أُعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدًا


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) سنده ضعيف لضعف حفص بن عمر العدني، ويشهد له حديث جابر التالي.