للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المهملة (١)، والله أعلم.

﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)﴾.

يخبر تعالى أنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع.

قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم، حدثنا مغيرة، أخبرنا عامر، عن [ورَّاد] (٢) مولى المغيرة بن شعبة قال: إن معاوية كتب إلى المغيرة بن شعبة: اكتب لي بما سمعت من رسول الله ، فدعاني المغيرة فكتبت إليه: إني سمعت رسول الله يقول إذا انصرف من الصلاة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللَّهم لا مانعَ لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" وسمعته ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، وعن وأد البنات، وعقوق الأمهات، ومنع وهات (٣)، وأخرجاه من طرق عن [ورّاد] (٤) به (٥).

وثبت في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري قال: إن رسول الله كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده، اللَّهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، اللَّهم أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللَّهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" (٦).

وهذه الآية كقوله : ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: ١٠٧] ولها نظائر كثيرة.

وقال الإمام مالك رحمة الله عليه: كان أبو هريرة إذا مطروا يقول: مُطرنا بنوء الفتح، ثم يقرأ هذه الآية: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢)(٧)، ورواه ابن أبي حاتم، عن يونس، عن ابن وهب عنه (٨).

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣)﴾.

ينبِّه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له كما أنه المستقل بالخلق والرزق، فكذلك فليفرد بالعبادة ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان، ولهذا


(١) وهي قراءة على التفسير.
(٢) كذا في (حم) و (مح) والمسند، وفي الأصل صُحف إلى: "وارد".
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٠/ ١٦٩ ح ١٨٢٣٢) وصححه محققوه.
(٤) كذا في (حم) و (مح) والصحيحين، وفي الأصل صُحف إلى: "وارد".
(٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ١٧.
(٦) صحيح مسلم، الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (ح ٤٧٧).
(٧) أخرجه الإمام مالك بلاغًا عن أبي هريرة (الموطأ، الاستسقاء، باب الاستمطار بالنجوم ١/ ١٩٢ ح ٦). وسنده ضعيف لانقطاعه.
(٨) سنده ضعيف كسابقه.