للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الواقعة وآخرها (١)، والصحيح أن الظالم لنفسه من هذه الأُمة، وهذا اختيار ابن جرير، كما هو ظاهر الآية، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله من طرق يشد بعضها بعضًا ونحن إن شاء الله تعالى نورد منها ما تيسر.

الحديث الأول: قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الوليد بن العيزار أنه سمع رجلًا من ثقيف يحدث، عن رجل من كنانة، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي أنه قال في هذه الآية: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ قال: "هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة، وكلهم في الجنة" (٢) هذا حديث غريب من هذا الوجه، وفي إسناده من لم يسم، وقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث شعبة به نحوه (٣). ومعنى قوله: بمنزلة واحدة؛ أي: في أنهم من هذه الأمة، وأنهم من أهل الجنة وإن كان بينهم فرق في المنازل في الجنة.

الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا أنس بن عياض الليثي أبو ضمرة، عن موسى بن عقبة، عن علي بن عبد الله الأزدي، عن أبي الدرداء ، قال: سمعت رسول الله يقول: قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وأما الذين اقتصدوا فأولئك الذي يحاسبون حسابًا يسيرًا، وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذي يحبسون في طول المحشر، ثم هم الذين تلاقاهم الله برحمته، فهم الذين يقولون: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)(٤) [فاطر].

طريق أخرى: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي ثابت، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يقول: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾، قال: فأما الظالم لنفسه فيحبس حتى يصيبه الهم والحزن، ثم يدخل الجنة" (٥).

ورواه ابن جرير من حديث سفيان الثوري، عن الأعمش قال: ذكر أبو ثابت أنه دخل المسجد، فجلس إلى جنب أبي الدرداء ، فقال: اللَّهم آنس وحشتي، وارحم غربتي ويسر لي


(١) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه، ويتقوى بقول الحسن وقتادة فقد أخرجهما الطبري وعبد الرزاق بسند صحيح كما تقدم في الرواية السابقة.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٨/ ٢٧١ ح ١١٧٤٥)، وضعف سنده محققوه لإبهام الرجل من ثقيف. اهـ. وأخرجه الترمذي من طريق محمد بن جعفر به (السنن، التفسير، باب ومن سورة الملائكة ح ٣٢٢٣).
(٣) أخرجه الطبري من طريق شعبة به وسنده كسابقه.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٦/ ٥٨ ح ٢١٧٢٧) وضعف سنده محققوه لانقطاعه بين علي بن عبد الله وأبي الدرداء، وفي رواية البخاري في التاريخ الكبير ٩/ ١٨ بينهما أبو خالد البكري، ولم يتبينوا من هو.
(٥) سنده ضعيف لإبهام شيخ الأعمش، ويتقوى بما يليه.