للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لحرها، وأقوى لسعيرها، ولا سيما على ما ذكره السلف من أنها حجارة من كبريت معدة لذلك؛ ثم إن أخذ النار بهذه الحجارة أيضًا مشاهد؛ وهذا الجص يكون أحجارًا، فيعمل فيه بالنار حتى يصير كذلك. وكذلك سائر الأحجار تفجرها النار وتحرقها؛ وإنما سيق هذا في حر النار التي وعدوا بها وشدة ضرامها وقوة لهبها؛ كما قال (تعالى) (١): ﴿كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا﴾ [الإسراء: ٩٧] وهكذا رجح القرطبي (٢) أن المراد بها الحجارة التي تسعر بها النار لتحمر ويشتد لهبها؛ قال: ليكون ذلك أشد عذابًا لأهلها.

قال (٣): وقد جاء في الحديث (٤) عن النبي أنه قال: "كل مؤذ في النار"] (٥).

[(قلت) (٦) وهذا الحديث ليس بمحفوظ ولا معروف؛ ثم قال القرطبي: وقد فسر بمعنيين: أحدهما: أن كل من آذى الناس دخل النار. والآخر أن كل ما يؤذي في النار يتأذى به أهلها من السباع والهوام وغير ذلك] (٥).

وقوله تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ الأظهر أن الضمير في "أعدت" عائد إلى النار التي وقودها الناس والحجارة. ويحتمل عوده إلى الحجارة، كما قال ابن مسعود. ولا منافاة بين القولين في المعنى؛ لأنهما متلازمان.

و ﴿أُعِدَّتْ﴾؛ أي: أرصدت وحصلت للكافرين باللّه ورسوله، كما قال ابن إسحاق، عن محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ أي: لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر. [وقد استدل كثير من أئمة السنة بهذه الآية على أن النار موجودة الآن، لقوله (تعالى) (٧): ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ أي: أرصدت] (٨).

[وهيئت، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك منها: "تحاجت الجنة والنار" (٩). ومنها: "استأذنت النار ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في] (١٠)


(١) من (ن).
(٢) في "تفسيره" (١/ ٢٣٥، ٢٣٦).
(٣) يعني القرطبي.
(٤) حديث باطل. أخرجه الخطيب في "تاريخه" (١١/ ٢٩٩)، ومن طريقه ابن الجوزي في "الواهيات" (٢/ ٢٦٣) من طريق عثمان بن الخطاب أبي عمرو الأشج المعروف بـ"أبي الدنيا" أنهم اجتمعوا عليه في بغداد في دار إسحاق وأحدقوا به وضايقوه، فقال: لا تؤذوني فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله … فذكره.
قال الخطيب في ترجمة أبي الدنيا هذا: "والعلماء لا يثبتون قوله ولا يحتجون بحديثه .. ثم قال: وما علمت أن أحدًا ببغداد كتب عنه حرفًا واحدًا، ولم يكن عندي بذاك الثقة".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، والأشج غير موثوق بقوله عند العلماء".
وقال الذهبي في "الميزان" (٣/ ٣٣) في ترجمة "الأشج": "حدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن علي". اهـ
ونقل المناوي في "فيض القدير" (٥/ ٣٣) عن الذهبي في "ديوان الضعفاء" أنه قال: "خبر غريب" ولم أجد هذا في "ديوان الضعفاء" (رقم ٢٧٥٧) بل قال في ترجمة الأشج هذا: "طرقي كذاب جريء".
(٥) ساقط من (ز) و (ض).
(٦) ساقط من (ن).
(٧) من (ن).
(٨) ساقط من (ز).
(٩) أخرجه البخاري (٨/ ٥٩٥)؛ ومسلم (٢٨٤٦/ ٣٦).
(١٠) ساقط من (ز).