للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتبرئة من السوء للحي القيوم الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، وإليه يرجع الأمر كله، وله الخلق والأمر وإليه يرجع العباد يوم المعاد، فيجازي كل عامل بعمله وهو العادل المنعم المتفضل. ومعنى قوله: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [كقوله ﷿: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾] (١) [المؤمنون: ٨٨] كقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١] فالملك والملكوت واحد في المعنى كرحمة ورحموت، ورهبة ورهبوت، وجبر وجبروت، ومن الناس من زعم أن الملك هو عالم الأجساد، والملكوت هو عالم الأرواح، والصحيح الأول، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم.

قال الإمام أحمد: حدثنا سُريج بن النعمان، حدثنا حماد، عن عبد الملك بن عمير، حدثني ابن عمٍّ لحذيفة، عن حذيفة وهو: ابن اليمان ، قال: قمت مع رسول الله ذات ليلة، فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ثم قال: "الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فأنصرف وقد كادت تنكسر رجلاي (٢).

وقد روى أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة مولى الأنصار، عن رجل من بني عبس، عن حذيفة أنه رأى رسول الله يصلي من الليل، وكان يقول: "الله أكبر - ثلاثًا - ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة" ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحوًا من قيامه، وكان يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم" ثم رفع رأسه من الركوع، فكان قيامه نحوًا من ركوعه [وكان يقول في قيامه: "لربي الحمد" ثم سجد فكان سجوده نحوًا من قيامه] (٣) وكان يقول في سجوده: "سبحان ربي الأعلى" ثم رفع رأسه من السجود وكان يقعد فيما بين السجدتين نحوًا من سجوده، وكان يقول: "ربِّ اغفر لي، رب اغفر لي" فصلى أربع ركعات فقرأ فيهن البقرة، وآل عمران، والنساء والمائدة أو الأنعام - شكَّ شعبة - هذا لفظ أبي داود (٤). وقال النسائي: أبو حمزة عندنا: طلحة بن يزيد، وهذا الرجل يشبه أن يكون صِلة (٥)، كذا قال، والأشبه أن يكون ابن عمِّ حذيفة، كما تقدم في رواية الإمام أحمد، والله أعلم. وأما رواية صِلة بن زُفَر، عن حذيفة ، فإنها في صحيح مسلم، ولكن ليس فيها ذكر الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة (٦).


(١) زيادة من (مح).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٨/ ٣٣٢ ح ٢٣٣٠٠) وضعف سنده محققوه لجهالة ابن عم حذيفة. ويتقوى بالروايات التالية.
(٣) زيادة من (حم) و (مح) وسنن أبي داود.
(٤) سنن أبي داود، الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (ح ٨٧٤)، والشمائل للترمذي (ح ٢٧٥)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٧٧٧)، وفي سنده رجل مجهول من بني عبس، ولعله صححه بالشاهد الذي سيأتي في سنن أبي داود، وصحيح مسلم التالي لكن ليس فيه ذكر ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة كما سيأتي.
(٥) سنن النسائي، الافتتاح، باب ما يقول في قيامه ٢/ ١٩٩.
(٦) صحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (ح ٧٧٢).