للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن [تميم] (١) بن طرفة، عن جابر بن سَمُرة قال: قال رسول الله : "ألا تَصفُّون كما تصِفُّ الملائكة عند ربهم؟ " قلنا: وكيف تصفُّ الملائكة عند ربهم؟ قال : "يتمُّون الصفوف المتقدمة، ويتراصون في الصف" (٢).

وقال السدي وغيره: معنى قوله تعالى: ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢)﴾ أنها تزجر السحاب (٣).

وقال الربيع بن أنس: ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢)﴾ ما زجر الله تعالى عنه في القرآن (٤)، وكذا روى مالك عن زيد بن أسلم (٥).

﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (٣)﴾ قال السدي: الملائكة يجيئون بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦)[المرسلات].

وقوله: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ هذا هو المقسم عليه أنه تعالى لا إله إلا هو ربُّ السماوات والأرض ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ أي: من المخلوقات ﴿وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ أي: هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت وسيارات تبدو من المشرق وتغرب من المغرب. واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه وقد صرح بذلك في قوله: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (٤٠)[المعارج]، وقال في الآية الأخرى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧)[الرحمن]، يعني: في الشتاء والصيف للشمس والقمر.

﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)﴾.

يخبر تعالى أنه زيَّن السماء الدنيا للناظرين إليها من أهل الأرض بزينة الكواكب، قرئ بالإضافة وبالبدل وكلاهما بمعنى واحد فالكواكب السيارة والثوابت يثقب ضوؤها جرم السماء الشفاف فتضيء لأهل الأرض كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (٥)[الملك]، وقال: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)[الحجر]، فقوله جلَّ وعلَّا ههنا: ﴿وَحِفْظًا﴾ تقديره وحفظناها حفظًا ﴿مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ﴾ يعني: المتمرد العاتي إذا أراد أن يسترق السمع أتاه شهاب ثاقب فأحرقه ولهذا قال: ﴿لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى﴾ أي: لئلا يصلوا إلى الملأ الأعلى وهي السماوات ومن فيها من الملائكة إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى مما يقوله من شرعه وقدرته كما تقدم بيان ذلك في الأحاديث التي أوردناها عند قوله تبارك


(١) زياد من (حم) و (مح) وصحيح مسلم.
(٢) صحيح مسلم، الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة (ح ٤٣٠)، وسنن أبي داود، الصلاة، باب تسوية الصفوف (ح ٦٦١)، وسنن النسائي، الصلاة، باب حث الإمام علي الصفوف ٢/ ٩٢ وسنن ابن ماجه كتاب الصلاة والسنة فيها، باب إقامة الصفوف (ح ٩٩٢).
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط بن نصر عن السدي.
(٤) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٥) سنده صحيح.