للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فذكر الله خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال (١)، كما ذكر في سورة الصافات.

وقوله: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ أي: عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن كذا قال ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم وقتادة والسدي وغيرهم (٢).

وقوله: ﴿عِينٌ﴾ أي: حسان الأعين وقيل: ضخام الأعين وهو يرجع إلى الأول وهي النجلاء العيناء فوصف عيونهن بالحسن والعفة، كقول زليخا في يوسف حين جملَّته وأخرجته على تلك النسوة، فأعظمنه وأكبرنه وظننَّ أنه ملك من الملائكة لحسنه وبهاء منظره قالت: ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: ٣٢] أي: هو مع هذا الجمال عفيف تقي نقي، وهكذا الحور العين: ﴿خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ [الرحمن: ٧٠]، ولهذا قال: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨)﴾.

وقوله: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)﴾ وصفهن بترافة الأبدان بأحسن الألوان.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)﴾ يقول: اللؤلؤ المكنون، وينشد ههنا بيت [أبي دَهْبَل] (٣) الشاعر في قصيدة له:

هي زهراء مثل لؤلؤة الغواص … ميزت من جوهر مكنون (٤)

وقال الحسن: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)﴾ يعني محصون لم تمسه الأيدي (٥).

وقال السدي: البيض في عشه مكنون (٦).

وقال سعيد بن جبير: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)﴾ يعني بطن البيض (٧).

وقال عطاء الخراساني: هو السحاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة (٨).

وقال السدي: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)﴾ يقول: بياض البيض حين نزع قشرته (٩). واختاره ابن جرير لقوله مكنون قال: والقشرة العليا يمسها جناح الطير والعش وتنالها الأيدي بخلاف داخلها (١٠) والله أعلم.

وقال ابن جرير: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثنا محمد بن الفرج الصدفي


(١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه، وسنده ضعيف لأن الضحاك لم يلق ابن عباس .
(٢) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول مجاهد أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول زيد بن أسلم أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٣) كذا في تفسير الطبري وديوان أبي دهبل الجمحي، في الأصل: و (حم) صُحف إلى: "أبي ذهيل".
(٤) ديوان أبي دهبل الجمحي ص ٦٩ وتفسير الطبري.
(٥) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير.
(٨) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن عطاء الخراساني.
(٩) تقدم قبل روايتين.
(١٠) ذكره الطبري بنحوه.