للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري قال: قرأ رسول الله وهو على المنبر ﴿ص﴾ فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تشزَّن الناس للسجود فقال : "إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم [تشزَّنتم"] (١) فنزل وسجد (٢). وتفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيحين.

وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ أي: وإن له يوم القيامة لقربة يقربه الله ﷿ بها وحسن مرجع وهو الدرجات العالية في الجنة لتوبته وعدله التام في ملكه كما جاء في الصحيح: "المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يقسطون في أهليهم وما ولوا" (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا فضيل، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "إن أحبَّ الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر" (٤). ورواه الترمذي من حديث فضيل وهو ابن مرزوق الأغر، عن عطية به، وقال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرعة، حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا سيار، حدثنا جعفر بن سليمان، سمعت مالك بن دينار في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ قال: يقام داود يوم القيامة عند ساق العرش ثم يقول: يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا، فيقول وكيف وقد سلبته؟ فيقول: إني أردُّه عليك اليوم، قال: فيرفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان (٦).

﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)﴾.

هذه وصية من الله ﷿ لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيل الله، وقد توَعد من ضلَّ عن سبيله وتناسى يوم الحساب بالوعيد الأكيد والعذاب الشديد.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا الوليد، حدثنا مروان بن جناح، حدثني إبراهيم أبو زرعة: وكان قد قرأ الكتاب أن الوليد بن عبد الملك قال له: أيحاسب


= من أبي سعيد الخدري، وأخرجه الحاكم من طريق حُميد به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٣٢).
(١) كذا في (حم) وسنن أبي داود، وفي الأصل و (مح): "نشزتم".
(٢) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الصلاة، تفريع أبواب السجود، باب السجود في ﴿ص﴾ ح ١٤١٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٢٥٣).
(٣) سيأتي تخريجه في تفسير سورة الحجرات آية ١٠.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٢)، وسنده ضعيف لضعف عطية وهو العوفي.
(٥) السنن، الأحكام، باب ما جاء في الإمام العادل (ح ١٣٢٩)، وسنده كسابقه.
(٦) سنده ضعيف بسبب إرسال مالك بن دينار.